الرأي

الزاوية الأخرى من طاولة الحوار عند أهل الفاتح

الزاوية الأخرى من طاولة الحوار عند أهل الفاتح

في نظام الشريعة الإسلامية التي تأمر بالعدل والقصاص؛ هناك أحكام وجزاءات فيما يخص بعض الجرائم ومنها أن «القاتل» المتعمد للقتل يقتل إلا أن عفت عنه عائلة القتيل بالدية أو بدونها، فتنفيذ مثل هذه الإجراءات يأتي في إطار تنظيم الحياة العامة للمسلمين، ويعكس حكمة ونظرة الإسلام تجاه من هانت عليه نفسه وباع ضميره وألغى إنسانيته ليختطف أرواح الآخرين؛ أي أنه ينظر إلى القاتل بأنه إنسان يجب أن يطبق عليه قصاص القتل مهما كان دون تهاون أو منحه فرصة، باختصار هو يرى أن من تهاون في قتل الآخرين حياته تنتهي ولا تستمر وفق منهج «القاتل يقتل».
عندما نأتي إلى الواقع البحريني ونتابع ردود فعل بعض أهل الفاتح بخصوص التمهيد لعقد سيناريو جديد من الحوار مع أطراف يدها ملطخة بدماء الكثير من شهداء الوطن والواجب خلال أزمة البحرين المؤسفة عام 2011، فإنه ينبغي فهم نظرتهم التي تأتي من سياق النظرة الإسلامية نفسها ومبادئه، فكما يأمر الإسلام أن تنهي حياة القاتل هم يرون أنه لابد من إنهاء حياة وجود هؤلاء في البحرين، وإنهاء مشروعهم السياسي بعد أن ثبت أنه يستهدف حياتهم وتصفيتهم وقتلهم إلى جانب الاقتصاص منهم، هم يعتقدون أنه لا يمكن الحوار مع أطراف هانت عليها نفسها أن تدوس على أجساد الأبرياء و»تخمس فيهم» بدم بارد وبأعصاب طائفية لا تريد سوى «سحقهم» كونهم الطرف الخصم الذي يعطل استحواذهم على الأرض والدولة.
وللعلم مشهد دهس شهداء الواجب بالسيارات مازال يبكي كثيراً من الإخوة الخليجيين لا البحرينيين فحسب، ولا تستطيع عقولهم تقبل حجم الإرهاب والتطرف في عقول من نفذوه وخطورة إجرامهم، أطراف غاب عنها شعار «إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه» عندما كانت الطفلة البريئة عسل «فاطمة» العباسي في منزلها تنتظر نجدتها من نوبة سكر ألمت بها فيما منعت عنها سيارة الإسعاف لتملأ بالأسلحة وتشارك في مسيرات التخريب والإرهاب، وكأنها في مسيرة سيارات واستعراض، فهي بالنهاية «طفلة سنية» لا تهمهم ولا يهمهم التكلف بإرسال سيارة إسعاف لها محتلة من قبلهم فيها هم مشغولون بالأصل في إغراق المجتمع بطائفيتهم وحمل شعارات «ارحلوا»، أطراف كانت من سنين فائتة تدعي «مظلومية التوظيف» واضطهادهم كطائفة، فيما هم بالحقيقة «تمسكنوا حتى تمكنوا»، وعندما تمكنوا حولوا الأماكن التي احتلوها إلى مواقع تحارب الطائفة الأخرى في الدولة «أهل السنة»؛ أطراف غاب عنها الواجب المهني والضمير الإنساني لتحتل أكبر مجمع طبي في الشرق الأوسط «مستشفى السلمانية» وتحوله إلى ثكنة عسكرية وتقيد فيه بعض المرضى من أهل الفاتح والعمال الأجانب وتعذبهم كأسرى في حربهم ضد الدولة.
لاحظوا مواقع العمل التي مكنتهم الدولة فيها منذ أن تولوا زمامها ماذا حدث فيها؟ ولنعود بالذاكرة قليلاً إلى فترة ما قبل المشروع الإصلاحي، أي فترة التسعينات، ألم تحرم مسؤولة البعثات بوزارة التربية والتعليم وقتها، الكثير من أبناء أهل السنة المتفوقين من الدراسة خارجاً في الجامعات لتخصص البعثات لأبناء الطائفة الشيعية، خصوصاً في مجالات العمل المهمة كالهندسة والطب؟ هل ما قامت به يأتي عبثاً أم يدخل في سياق خطة مرسومة من جانبهم في كيفية اغتنام الفرص وإيجاد أي باب أو مدخل تدفع بأبنائهم وشارعهم إلى سرقة الدولة بالتقسيط واحتلالها من خلال تجييش أبنائهم في المواقع المهمة ومن خلف الكواليس؟ هذه المسؤولة بعد أن لعبت لعبتها في ظلم الكثيرين وتحطيم طموحاتهم الدراسية لولا شرفاء الوطن الذين فضحوها «جان محد درى عن هوى دارها» واستمرت في فسادها الطائفي وتضييع مستقبل الشباب.
هؤلاء منهجهم التمييز الطائفي في أي موقع يعملون فيه، ولاحظوا أي واحد منهم عندما يوضع في موقع قيادي بالدولة، محال أن تجد في طاقم عمله موظف من الطائفة السنية إلا إن أوجده كغطاء أو ديكور يغطي على تمييزه الوظيفي الطائفي من باب «العين والنفس»، بل حتى في مجلس النواب نفسه لاحظوا أن أطروحاتهم كانت طائفية؛ فحتى السياسية منها كانت لها أبعاد طائفية رغم أنهم من المفترض أن يكونوا ممثلين للشعب لا للطائفة.
قادة الإرهاب لدينا لا يرون من الحوار سوى باب «قد يصيب أو يخيب» في فتح الطريق إلى تنفيذ وإكمال مشروعهم الإرهابي في الدولة، أهل الفاتح عندما يعارض جزء منهم الحوار مع هؤلاء فمعارضته لا تأتي من أجل المعارضة فقط؛ بل إن شعار «لا للحوار» الذي خرجوا به وأطلقوه يجب أن يفهم تماماً كما ظهر، نحن عندما نتكلم بهذه الطريقة لا نتكلم بطائفية بل بواقع يكشف تآمرهم الطائفي المتواري تحت شعارات مثالية تمويهية تدعي محاربتها للطائفية.
بعض أهل الفاتح عندما حملوا شعار لا للحوار فإنهم بذلك لا يقصدون عدم التحاور «مع إخوانهم في الوطن» من الطائفة الشيعية، والذين تعايشوا معهم من سنين فائته في المناطق ومواقع العمل دون أجندة سياسية، بل يقصدون لا للحوار مع الأطراف الإرهابية المندسة في مجتمعنا المتآمرة مع الخارج، والتي قادت فصائل من الشباب جندتهم لأجل تنفيذ مخططاتها الانقلابية والتحريضية ضد الدولة، هؤلاء حتى الإسلام طالب بالقصاص منهم فكيف بالمنطق والعقل نطلق عليهم إخواننا في الله والوطن؟
بعض أهل الفاتح يشعرون أنهم خلال الأزمة المؤسفة الماضية التي مرت «محد كلاها عدل غيرهم»، فالشوارع التي يمرون فيها اختطفت من قبل مليشيات الوفاق، ومواقع العمل صارت معاول هدم تضرب في الدولة وفيهم وتشوه أبصارهم وسمعهم بعبارات كانت عناوين إضراباتهم ومسيرات تخريبهم لا يتقبلونها ولن يتقبلونها لأنها تمس فطرة ينشأ عليها كل إنسان طبيعي، وهي «حب الوطن ورموزه» لا إسقاطه والإساءة له والطلب منهم الرحيل.
هم يقولون لا للحوار مع من كانوا بالأمس يطالبون مراراً وتكراراً بتوظيف أبنائهم في سلك الأمن والشرطة، وعندما وظفوهم وجدوهم خلال الأزمة يتعاونون مع الإرهابيين في مدهم بعناوين منازل الضباط وأفراد الأمن لوضع العلامات الحمراء على منازلهم، والتي تعني «تصفيتهم» في حال سقوط النظام، ألم يستخرج العاملون منهم في هذا السلك في دقائق معلومات بنت المحرق ويبثوها على قناة العالم الإيرانية، حيث ادعوا أنها دهست المتظاهرين فيما هي كانت خائفة عندما رأت تظاهراتهم التي تعيق حركة المرور والشارع وهي تمر بالقرب منهم عند شارع المرفأ المالي.
أهل الفاتح ينظرون اليوم إلى هذه الشرذمة الإرهابية مثل «اللاعب في ورق خسران»، خسروا وفشلوا في مؤامرتهم والعالم بدأ يكتشف مدى خطورتهم وإجرامهم، والكثير من أوراقهم احترقت، فعادوا بعد كل ما فعلوه إلى المربع الأول من اللعبة؛ الحصول على المزيد من غنائم المناصب والمزايا علها تكمل مسلسل سرقة الدولة من تحت الطاولة بالتقسيط وبالخفاء.
أهل الفاتح جزء كبير منه يرى أهمية أن تكون الدولة حازمة دون تنازل أو لين أو منهج تسامح ويطلبون إحكام القبضة الأمنية وتطبيق القصاص على قادة الإرهاب واستعجال الدولة باتخاذ إجراءات حازمة ضدهم وإغلاق دكاكينهم الإرهابية والسياسية، مقصد القول أن «لا للحوار قد يؤدي إلى طاولات حوار مستقبلية» إنه من الممكن أن تدفع مثل هذه الخطوات الحازمة في فرض سلطة الدولة إلى إيجاد طاولات حوار قادمة أخرى تتفاوض فيها الأجزاء المتشتة من شارعهم وشبابهم المنغشة والمخدوعة فيهم «بعد اقتلاع قادة الإرهاب والتحريض والفتن» في التحاور مع المكونات الأخرى بالمجتمع لنعود إلى بحرين المحبة وقصة نجاحنا الطائفية التاريخية في التعايش، لابد أن يخسروا مكاسبهم التي «لم يكونوا قدها ويستاهلونها»، والتي ظنوا أنها حق مشروع لهم وللأبد وجاءت لأنها من حقوقهم، لا لأن الدولة كريمة ومتساهلة وطيبة زيادة عن اللزوم معهم ويتوقعون اليوم أنهم سيجنون المزيد منها مع سيناريو حوار جديد.