الرأي

مسؤولية السلطة القضائية أمام المجتمع

نقطة نظام

إن السلطة القضائية، وهي سلطة منفصلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلا أنها جزء رئيس من النظام السياسي القائم في المملكة، وهي أحد أقطاب الاستقرار، فكلما كانت الأحكام الصادرة عادلة، وكلما كانت القضايا الجنائية والمدنية والشرعية تسير في المحاكم بشكل سلس، دون مدد انتظار كبيرة والتزاماً بقواعد الإجراءات المدنية والجنائية، ومراعاة لأطراف النزاع؛ كان ذلك يشكل استقراراً للمجتمع وارتياحاً لوجود سلطة قضائية عادلة.
وهذه السلطة القضائية، ليست منفصلة عن الأحداث الاجتماعية والسياسية والأمنية في المجتمع، بل من واجب القضاة مواكبة الأحداث، والنقاش حول الظواهر الجديدة التي تخرج في المجتمع، ومعرفة كيفية معالجتها وكيفية الحكم عليها، خاصة وأن هناك سلطات تقديرية تترك للقاضي، كما إن هناك عقوبات مشددة ومخففة.
كما إن إلمام القاضي بأحداث المجتمع، يعد عاملاً قوياً لإصدار أحكام عادلة، سواء كانت القضايا التي ينظر إليها على مستوى الأفراد، أو على مستوى الرأي العام البحريني، ولذلك؛ فلا يمكن أن نتصور أنه لا يوجد قاضٍ لا يقرأ الصحف اليومية، ولا تصله نشرة الأخبار بشكل مختصر عما دار في البلاد اليوم.
ورغم ثقتنا في القضاة، ومعرفتنا أنهم من المتابعين للأخبار وعالم الجريمة، وما يدور من نشاط سياسي واجتماعي واقتصادي في البلاد، إلا أن المجلس الأعلى للقضاء من الممكن أن يؤطر ذلك قانوناً، بحيث يتم إرسال تقرير يومي عن الأحداث والأخبار المهمة التي يجب أن يطلع عليها القاضي، من باب الإلمام العام بحياة المجتمع الذي يمارس القضاء فيه، وألا يترك هذا الموضوع للاجتهاد الشخصي للقاضي نفسه.
وهذا الأمر ليس منوطاً بالمحاكم فحسب، بل وحتى النيابة العامة التي تعد شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية، وكلما كانت النيابة العامة قوية وملمة بالأحداث، سهل ذلك على المحاكم سير القضية واتخاذ الحكم العادل.
يأتـــي ذلك في إطار اهتمام الدولة بالسلطـــة القضائية، وأخذ المجلس الأعلى للقضاء دوره في هذا التنظيم الذي يسعى من خلاله لتحسين مخرجات القضاء، عن طريق تسريع التقاضي، والوصول إلى أحكام عادلة، في جميع درجات التقاضي.
وفي هذه الأثناء تقع مسؤولية كبيرة على السلطة القضائية بعد عدة حوادث أدت إلى قتل رجال الأمن أثناء تأديتهم لواجبهم، الأمر الذي يتطلب منها مضاعفة الجهود وتقديم هذه القضايا على القضايا الأخرى كونها قضية مجتمع وأمن واستقرار، إضافة إلى الأبعاد السياسية الداخلية والخارجية الأخرى.
أن يوجد جهاز يطور من القوانين العقابية بناء على رؤية خاصة يرفعها عن طريق وزارة العدل، فالقضاة هم أكثر الأشخاص الملمين بتطبيق القوانين، وأكثر الناس دراية بما يفترض أن يجرى عليه تعديل في القوانين العقابية، أو حتى التعديل الإجرائي الذي من شأنه أن يجعل سير القضية سليماً في كل النواحي، لذلك نقترح للمجلس الأعلى للقضاء، أن يفتح المجال أمام القضاة لذلك، وأن يوجد حلقة وصل بينه وبين السلطة التنفيذية من أجل ذلك.