الرأي

فرصة ضاعت

كلمة أخيرة

السيد طالب الرفاعي كان بالبحرين؟ خسارة لم ألتقِ به.. وقد كان واحداً من أهم الأشخاص الذين تمنيت إجراء لقاء تلفزيوني مطول معهم.
وهــذه واحــدة مـن أخطاء الدولة الكثيرة، حيث لم تعرف كيف تستغل وجود هذا الرجل بهذه القامة وبهذا العقل المنفتح على أرضها كي تعرض آراءه وتخلق دوائر جدلية تناقش وتفند آراء أصبحت هنا عند شباب الشيعة وكأنها قرآن منزل، وكذلك كي يرى شباب السنة بأن هناك مرجعيات دينية شيعية لها آراؤها السياسية المقاربة لآرائه.
اللقاء الذي أجرته الوسط لم يكن شافياً وأسئلته كانت مجتزأة لا تعبر عن آراء السيد الواضحة والصريحة في حكم «الإسلاميين» من أعضاء حزب الدعوة العراقي، فهو الذي قال «أرى نجم الإسلاميين بالعراق قد أخذ بالأفول وربما أمريكا ساعدت في ذلك بسبب شخصيات «عتاولة» من الفاسدين» ثم أضاف مستهزئاً «كأنما السيد محمد باقر الصدر استشهد كي يصبح الجعفري رئيساً للوزراء أو المالكي يأخذ حصته منها وينتهي كل شيء، لقد خدم صدام حسين الموجودين في حزب الدعوة حين قتل الصدر، فإن لم يقتل الصدر آنذاك لقاموا هم بقتله، فالصدر لا يقبل بما حصل الآن ولا يقره بل لحاربه فكان رجلاً متوازناً أخلاقياً ودينياً».
وقال آراء كثيرة في الجعفري وفي المالكي وعدم أهليتهم للسياسة وكيف أساؤوا لحزب الدعوة وللشيعة كساسة في الصفحات 177 و178 و179.
كما أن آراءه في حتمية فارسية المرجعيات الدينية وعدم السماح لعربي أن يكون مرجعاً، تستحق التوقف عندها كثيراً إذ يقول في الصفحة 264 «في يوم من الأيام كنت جالساً مع الشيخ المجتهد عباس الرميثي في داره بالنجف بعد تناول الغداء معه، فقلت: شيخنا أنا الآن آكل وأشرب معك، وغداً تصير مرجعاً، حينها يجب أن أقف في الطابور حتى أصل إليك، وكان الشيخ ممدداً فجلس وأخذ يقول «لا بابا ما أصير مرجعاً، أنا عربي عربي عربي» ويقصد أنه ليس أعجمياً، فلا يمكن لعربي أن يصبح مرجعاً، وحتى إذا أصبح مرجعاً فيكون ضمن حلقة ضيقة من العرب عشيرة مثلاً أو حي لا أكثر» ص 265 من كتاب آمالي السيد طالب الرفاعي.
وله آراء صريحة في مرجعية الشيرازيين التي يتحفظ فيها على مرتبة المتصدر منهم الآن للاجتهاد «العلمية» ويصف الشباب البحرينيين الذين التقى بهم في المنامة عام 1974 من أتباعه «بالأغرار»، وحين طلبوا رأيه في مرجعيتهم قال كلمته التي وصفها «كلمتي ملأى بالحماسة والتشريح والتجريح بهذا المستوى من المرجعيات» وقال إن أحد الصحافيين طلب إجراء لقاء معه بعد وفاة محمد الشيرازي حول المرجع لتأبينه، فرد عليه «نعم أنا أعرف الكثير مثلما ذكرت عن الشيرازي ولكن هو في نظري كالعملة النقدية لها وجهان، فأنت وأنا سمعنا الوجه الأول وبقي الوجه المغيب في كتمان العدم، فإذا رغبت أن تسمع مني ذلك الوجه فأهلاً وسهلاً، وإذا تريدني أقول كلمات تأبين فوفر عليك وقتك ولا تتجشم عناء السفر إلينا، فقال أفكر وأرجع إليكم الجواب! فلم أسمع منه رداً حتى الآن».
الكتاب من 390 صفحة حفل بالمفاجآت وأهمها أن حزب الدعوة وهو احدد مؤسسيه كان تقليداً شيعياً لتنظيم الإخوان المسلمين، وأن الحزب ضم بين أعضائه العديد من الشباب الشيعي، بل إن الإخوان المسلمين في العراق عرضوا عليه أن يكون رئيساً لحزبهم وهو المعمم الشيعي!
هذا الرجل كنز من المعلومات التي تضع الكثير من النقاط على الحروف، ومن المؤسف أن يمر في البحرين هكذا دون أن نستفيد من وجوده.