الرأي

ما وراء انقلاب السيستاني على الأسد والمالكي

نقطة نظام

أصبح المشهد الدولي في هذا الوقت في ذروة الحاجة إلى تفسيرات منطقية عن بعض المواقف «المستغربة» وغير المنطقية، أولها التقارب الأمريكي الإيراني، والثاني الخلاف الإسرائيلي الأمريكي.
وفي هذا المقام نحاول التركيز على الخلاف الإسرائيلي الأمريكي، ففي الفترة الماضية هناك تصريحات كثيرة من المسؤولين الإسرائيليين حول تخوف إسرائيل من التقارب الأمريكي الإيراني، بل إن زيارات رسمية تمت بخصوص هذا الشأن.
ولكن السؤال الذي يطرح في هذا المجال؛ هل تمتلك أمريكا أن تمس الأمن القومي الإسرائيلي بهذا الشكل الفاضح؟ وفي بحثنا ومحاولتنا للإجابة عن هذا الاستفسار، وجدنا تصويراً حديثاً لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مؤتمر صحافي أمام اللجنة اليهودية الأمريكية، قبل الدخول في تفاصيل خطاب كيري، فإن المشاهد سيعلم جيداً أن كيري كان حريصاً على الأمن القومي الإسرائيلي أكثر من إسرائيل ذاتها، وأكثر من الولايات المتحدة ذاتها.
بدأ كيري بالتفاخر بأصوله اليهودية، وأن لديه العديد من الأقارب في إسرائيل بعضهم لم يرهم، وأن شقيقه في الولايات المتحدة الأمريكية عضو فاعل في لجنة الأمريكيين اليهود، وأنه استلم حديثاً منصباً رفيعاً في وزارة التجارة الأمريكية، وكانت هذه المقدمة ليقول لهم إنه معهم قلباً وقالباً.
يقول كيري إنه سافر خلال الفترة البسيطة الماضية ثلاث مرات إلى إسرائيل، وإنه يشاركهم حلمهم في إقامة دولتهم، وإنه يتفهم جيداً ماذا يعني الحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي، وإن كل ما تقوم به الولايات المتحدة في سبيل التطبيع مع إسرائيل وجعلها قوة اقتصادية كبيرة، وإن حل الدولة الواحدة غير موجود، وإن ما كان يجري في الشرق الأوسط من سقوط الحكام والثورات العربية وما يدور حالياً في سوريا كله يأتي في صالح إسرائيل، وإن الفرصة مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى لقيام قوة إسرائيل، وإذا لم ننجح الآن فلن ننجح في المستقبل!
ولذلك نقول، إن أمريكا لا تملك بأي حال من الأحوال الخروج عن سياسة الأمن القومي الإسرائيلي، وأن التحرك الأمريكي المعاكس، لم يأت إلا لخلق تحالف جديد في الشرق الأوسط ضد إيران، ولا نستبعد بعد مدة من الشحن والتعبئة ضد إيران، من الخليج من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، ستنقلب المواقف الأمريكية في ليلة وضحاها.
إن تصريحات السيستاني بشأن الأسد والمالكي، جاءت بعد أن علم جيداً أن الولايات المتحدة في طور لف الحبل على رقبة إيران، وأنها سرعان ما تشده بعد انتهاء مهمة إجراء التحالفات الدولية.
إن دخول حزب الله في سوريا، وتصفية السنة في العراق، كان بغطاء أمريكي، وما سيحدث من ردات فعل في المستقبل القريب ضد إيران وأعوانها، سيكون أيضاً بغطاء أمريكي، ففي الأصل، لا هي تحالفات ولا هي صداقات، ما هي إلا بيادق تحرك على رقعة الشطرنج للوصول إلى الهدف.
لقد استطاعت الولايات المتحدة إلى حد كبير حكر الخليج في زاوية الموافقة على ضرب إيران عن طريق تقديم الغطاء لحزب الله في سوريا والعراق والبحرين، وأصبحت الشعوب مستعدة أكثر من أي وقت مضى لقبول وتقديم التضحيات من أجل القضاء على النظام الإيراني الفاشي.