الرأي

أخاف على الظالمين

بنادر

من الوهلة الأولى لقراءة العنوان، ربما يطرح القارئ تساؤله المشروع وهو؛ كيف نخاف على الظالمين من الظلم الذي أوقعوه في الناس؟ ولماذا يخاف عليهم؟ ومن ماذا؟
دعوني أقول لكم السبب الذي جعلني أطرح هذا الموضوع المنافي لأصحاب النيات السليمة والناس الديمقراطيين والمتدينين من الخارج.
كلنا يعرف أن الله قد قسم الأرزاق بين أبناء الأرض، وكل واحد لا يمكن أن يتعدى حدوده، ويعتدي على حرية الآخرين.
وأنا أحد المؤمنين الذين يقولون ما لك هو لك وما ليس لك.. ليس لك. بهذا المعنى إن قام أحد ما بظلمي أو سرقتي أو الإساءة بقول أو فعل فإن هذا الشخص لا يظلمني بقدر ما يظلم نفسه، ولا يسيء لي بقدر ما يسيء لنفسه، ولا يسرقني بقدر ما يسرق من نفسه ومن رزقه وماله المحدد له في الحياة.
أنا مؤمن كل الإيمان بعدالة الله سبحانه وتعالى، لهذا لا أخشى من يسرقني ويزيد السعر على هامش الربح، أو يأخذ مني أكثر من حقه، لأنني أراه عملياً أنه يأخذ من طبيعته الإنسانية التي فطر عليها، يأخذ من ماله ومن صحته ومن أولاده أو أهله، ما وجدت ظالما في هذه الأرض إلا ورجع عليه ظلمه أكثر من بيع السوق، وتعذب عذاباً كبيراً دون أن يعرف أن العذاب الذي يعيشه ليس إلا أثر أعماله الخاطئة، فما زرع يحصد، إن كان زرع الخير سيجد الخير مضاعفاً وإن كان زرع الشر سيكون أيضاً مضاعفاً.
ومثلما عرفت وأنا ابن السابعة أو الثامنة من عمري أن اللعنة تذهب إلى سابع سماء ثم تعود على وجه اللاعن، أعرف الآن أكثر من أي وقت مضى أن الظلم والإساءة والسرقة والبذاءة وكل الفواحش ما ظهر منها وما بطن، تعود على نفس الشخص، ولهذا فأنت لا تحتاج لأن تدعو على من ظلمك أو سرقك أو أساء إليك، لأنه سيحصل على العقاب في الدنيا قبل الآخرة.
وربما صادف أكثرنا كيف يموت الظالم أو المسيء أو الحاقد أو الحاسد في كل الأرض، إنه يتعذب بصورة لا يتوقعها ولم يتخيلها في أي يوم من أيام حياته، من هنا أرى أن الظالمين السارقين الحاقدين المسيئين إلى غيرهم سيرون عذاباً لا مثيل له، لهذا أخشى عليهم من تبعات أعمالهم، أخشى أن يتعذبوا العذاب الأكبر في الدنيا وأمام أعين من ظلموهم أو نهبوهم حقهم.
أخشى عليهم من نتيجة أفعالهم التي لا تتماشى مع القوانين الإنسانية الفطرية، أخشى عليهم من أنفسهم، وأقول لهم؛ إلى متى ستواصلون سرقة وقتل أنفسكم.
انظروا إلى الإشارات اليومية التي يرسلها الله لكم، تعلموا قراءة الإشارات، اقرؤوا سير من جاء قبلكم من فرعون وهامان وغيرهم من الذين ظنوا أنهم فوق البشر وفوق القوانين الأرضية.
لهذا أخاف على الظالمين من أنفسهم، وأقول لهم كما هو في قانون الكون، قانون السبب والنتيجة، أو قانون الكرما الهندي، من زرع شراً سيحصد الشر ومن زرع الشوك سيدمي يده بالشوك، من زرع الكراهية سوف يأتي اليوم الذي لا يجد فيه من يحبه.