الرأي

«أنا سنية وأنت شيعي».. بحث عن الذات والآخر

ورق أبيض

اقتبست عنوان هذه المقالة من كتاب السعودية سارة مطر «أنا سنية وأنت شيعي.. يوميات سعودية في جامعة البحرين»، والصادر عن دار مدارك في دولة الإمارات العربية المتحدة.
لست هنا بصدد الحديث عن الكتاب أو مناقشة ما ورد فيه؛ لكن ما جذبني أنه كان واحداً من أكثر الكتب رواجاً في البحرين ودول الخليج العربية خلال الشهور الماضية.
الشغف الجنوني للشابات والشباب على اقتناء نسخة من الكتاب دفعني إلى البحث عن حقيقة هذا الشغف؛ هل هو مرتبط بعودة حميدة إلى الثقافة والقراءة؟ أم هي حالة مرضية أصابت معشر الشباب دفعتهم إلى التسابق نحو البحث عن الكتاب واقتنائه؟!
وغير هذا وذاك اكتشفت، ما قد أزعم أنه الحقيقة، فإن ما مرت به البلاد والمنطقة خلال السنوات الأخيرة، وما أفرزته من مفردات وأفكار وتحديات دفعت بالشباب إلى البحث عن الذات وعن الآخر المختلف في الوطن، وكأن سنوات طوال من العيش المشترك لم يكن كافياً لنعرف ذواتنا والآخرين، فكان لا بد من هزة قوية ومباشرة توقظ فينا هذا البحث، لنعود من جديد مستكشفين مبتدئين في وطن امتد تاريخه آلاف السنين.
عنوان الكتاب، كما هو واضح، كان مباشراً وصادماً، ووشى بكثير مما كان يعتمر في النفوس، ورفع الغطاء عن «تابو» آخر لم يكن من السهل تناوله أو الحديث عنه.. من أنت؟ ومن أنا؟
وحده العنوان «أنا سنية وأنت شيعي» كان كافياً ليستطيع هذا الكتاب ويحقق أرقاماً غير مسبوقة في البيع، وليدق جرساً جديداً في مسيرة جيل آخر من الشباب لم يستطع أن يتعلم من تراكمات وتجارب الكبار، ليبدأ هو بذاته البحث عن ذاته وعن الآخر في ذات الوطن، فهل يعيد كرة الاكتشاف إلى المربع الأول؟
ورق أبيض..
الأزمة التي حلت بالبحرين، منذ سنوات ثلاث تتواصل فصولها في شرخ مجتمعي، وترسل رسائل كثيرة الى المسؤولين وإلى أفراد المجتمع بأن ما يجري سيتواصل بصورة أكثر سوءاً وعنفاً إذا لم يستطع المجتمع ذاته تجاوزها، ليس بشعارات وكلمات وخطب حماسية؛ وإنما بعمل مجتمعي متكاتف يضع النقاط فوق الحروف، بجانب عمل أمني مؤسسي يقوم على لجم العناصر المتطرفة في مجتمع المحبة والسلام.