الرأي

هل هناك جريمة فساد و«واسطات» في وزارة البلديات؟!

هل هناك جريمة فساد و«واسطات» في وزارة البلديات؟!

الجهود الرامية لحفظ البيئة البحرية والثروة السمكية في مملكة البحرين قضية شبه مصيرية لكونها مرتبطة بأحد أهم مصادر الأمن الغذائي في بلد ذي طبيعة بحرية تعلم أهله عليها، لذا فحماية هذه الثروة بالذات مسؤولية وطنية مهمة تستوجب المتابعة والاهتمام وضبط أية تجاوزات قد تحصل فيها وتطيح بالتنمية الغذائية التي تعد جزءاً أساسياً في رؤية البحرين الاقتصادية المستقبلية 2030.
إن ظهور أي وجه من أوجه الفساد في هذا الجانب لن يعد مصدر تهديد مباشر على الأمن الغذائي فحسب، بل إنه مرتبط أيضاً بتهديد مصادر دخل الكثير ممن يمتهنون مهنة الصيد والبحارة وتعد المصدر الأساسي للدخل لهم، إلى جانب الاستغلال الغذائي للبحرين في ما يخص الطعام البحري، مما يعني أنه له انعكاساته الخطيرة على الاقتصاد الوطني، لذا جاءت المبادرة والاهتمام من مجلس الوزراء ورئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة بوقف إصدار التراخيص الجديدة لصيد الأسماك والروبيان وفق قرار صادر رقم «11» لعام 2009 لكون البيئة البحرية لا تستوعب تزايد عدد الرخص التي من الممكن أن تتسبب في تدمير هذا القطاع البحري والسمكي بالكامل ولكون الرقعة البحرية للصيد في البحرين قد تقلصت وضاقت بسبب أعمال الدفان وتمدد أراضي المشاريع.
ونطرح في هذا الصدد تساؤلاً مهماً بعد أن وردتنا معلومات -نود التأكد من صحتها- نوجهها إلى إدارة الثروة السمكية بوزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني إلى جانب إدارة الجرائم الاقتصادية وديوان الرقابة المالية والإدارية عن صحة إصدار ما يقارب 462 رخصة صيد جديدة ظهرت وكأنها تخالف القرار الصادر من مجلس الوزراء ورئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية.
والتساؤل الآخر في حال صحة المعلومات الواردة، هل إصدار هذا الكم الكبير من الرخص في الخفاء يعكس وجود أيادٍ خفية وعصابة فساد مالي وإداري تقف وراءها ولها مصالح وغنائم منها مما يؤكد الحاجة الشديدة إلى إيجاد نظام صارم يضبط العملية؟!
وتشير المعلومات الواردة أيضاً إلى أن أصحاب الرخص الجديدة من البحارة قد تورط العديد منهم بتكبد مصاريف جلب العمالة الآسيوية وقاموا بأخذ قروض من «تمكين» و«بنك التنمية» رغم القرار الوزاري الصادر رقم 12 لعام 2005 بإلزام صاحب الرخص بمنع جلب العمالة وأن يكون جميع العاملين على ظهر سفينته بحرينيين، كما حدد القرار أن الرخصة مؤقتة ومحدودة حسب التاريخ المبين فيها، حيث يلزم القرار أيضاً وفق أحد بنوده الالتزام بالقوانين المعدة لحماية الثروة البحرية والمحافظة عليها، ولذا فهؤلاء المسؤولون الذين أصدروا الرخص دون الرجوع للقرار الذي يلزم بالصيد المؤقت ومنع صيد العمالة الآسيوية ورطوا هذه المجموعات التي أخذت الرخص و«ابتلشت» مع هذه الفوضى ودخلت في دوامة الفساد الإداري والمالي معهم، كما إنهم ورطوا الدولة لكونهم «حلبوا وسلبوا» جزءاً من ميزانيتها لأجل الإنفاق على هذه الرخص ومنحهم القروض الميسرة!!
إن كان من واجبات الدولة حماية الثروة البحرية فما دورها في متابعة الجهات التي تصدر الرخص وتشديد الرقابة عليها المتمثلة في إدارة الثروة السمكية بوزارة البلديات وإن كانت المخالفات قد تمت بسبب الإدارة السابقة، حيث تشير المعلومات الواردة إلى أنه قد تم تحويل قضايا مخالفات التراخيص إلى مجلس الرقابة المالية والإدارية والجرائم الاقتصادية إلا أن هناك مصادر لاتزال تؤكد أن هناك رخصاً جديدة قد صدرت من شهرين ومن المحتمل صدور أخرى قريباً والمطلوب معرفة ما إن كان هذا الخبر صحيحاً أم لا؟
وان كان صحيحاً فهو يعني مصيبة وجريمة مستمـــرة ترتكب لتدمير الثروة البحريـــة والسمكية في البحرين، من قبل خلية فساد موجودة ومستمرة، فما دور ديوان الرقابة المالية والإدارية في المساءلة عما يحصل؟! فالواضح أن هناك حاجة لإبراز الأمور وتوضيحها بدل انتشار الشائعات في أوساط الرأي العام والبحارة وتشويه سمعة الجهات من خلال تأكيد أو نفي صحة الأقاويل المشاعة عن وجود تمييز و«واسطات» في استخراج الرخص، والله العالم إن صحت هذه المعلومات ما قد تجره معها، وتكشف عن وجود رشى أو قصص فساد إداري مخبأة كأنها تتحدى قرار مجلس الوزراء، الأمر الذي يطيح بهيبة القوانين والقرارات الصادرة ويؤثر على صورة البحرين كونها بلد القوانين والتشريعات.
المعلومات الأخرى التي وردتنا تؤكد أنه رغم وجود قرار بحظر صيد الروبيان وبيعه في الأسواق إلا أن هناك معلومات وردت عن أن الروبيان لايزال يباع، والمثير في هذه المسألة أنه يباع في أسواق تتبع وزارة البلديات، حيث ذكرت مصادر أنها شاهدته يباع منذ فترة في سوق سترة وجدحفص وعدد من الشوارع والأحياء السكنية، مما يعكس وجود مهزلة قانونية بحق القائمين على تنفيذ ومتابعة قرار الحظر، ومما يبرهن الحاجة الملحة إلى كشف الحقيقة والتأكيد أو النفي حول شبهة الفساد المنتشرة حتى في ما يخص الرقابة وتنفيذها، كما إنه يعكس عدم صحة وجود أي سياسة أو استراتيجية لحماية هذا القطاع رغم تأكيد وزير البلديات بوجود استراتيجية معدة لذلك، فضبط التجاوزات وإغلاق بوابات الفساد هو أول خطوة في حماية الثروة السمكية والبحرية، فلا يمكن إيجاد استراتيجية لتنمية هذه البيئة من جانب وفي الجانب الآخر هناك معاول فساد وتدمير لها.
ما حصل إن تأكدت صحته جريمة، ولا يمكننا تصنيفه في محل غير ذلك، لكون بعض قضايا التراخيص المضبوطة -كما وصلنا- قد حولت إلى إدارة الجرائم الاقتصادية!