الرأي

قانون الحرب.. وإعلاميو الميدان

نبضات

بعد ركود نسبي، عادت جمعية الصحافيين البحرينية بدورة تدريبية متخصصة جديدة لمجموعة من أعضائها، بمستوى نوعي فارق، بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تناولت عدداً من القضايا المهمة في مجال «الإعلام والنزاعات المسلحة» بحضور حوالي 25 إعلامياً من البحرين والمملكة العربية السعودية.
تكمن أهمية هذه الدورة في الدعم الذي يحصل عليه الإعلامي من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال فترة النزاعات المسلحة داخلية وخارجية، ما يشمل القضايا الإنسانية المتعلقة باختفائهم أو تعرضهم للأسر في أوقات الحرب أو احتجازهم في أوضاع الاضطرابات والتوترات الداخلية. وذلك عملاً بـ«القانون الدولي الإنساني» الذي ينص على أن «الصحافيين الذين يباشرون مهامّ في مناطق النزاعات المسلحة لابد أن يلقوا الاحترام وأن يتمتعوا بالحماية ما داموا لا يقومون بأي عمل يسيء إلى وضعهم كمدنيين».
ولكن.. ما هو القانون الدولي الإنساني؟ أو ما يسمى أحياناً بـ«قانون الحرب» أو «قانون النزاعات المسلحة».
بغض النظر عن التسمية، فإنه عبارة عن مجموعة من القواعد متعلقة بحالة النزاعات المسلحة، والتي تتضمن استجابة عالية للبعد الإنساني استرشاداً بالمثل القائل «حتى الحرب لها حدود»، ويقوم هذا القانون على اتفاقات جنيف الـ4 والبروتوكولين الملحقين بها، والتي عبر عنها نيلسون مانديلا بقوله «ما برحت اتفاقات جنيف تذكرنا بشدة بواجبنا المشترك في العناية ببعضنا بعضاً..».
باعتقادي.. إن الدورات التدريبية في المجال الإعلامي، ولفترة طويلة اقتصرت على الجانب الأكاديمي والمهني الذي يصب مباشرة في فنون التحرير والتقديم والإخراج وما شابه، وربما تعرضت بشكل مقلّ لبعض الجوانب الفكرية المهمة والتي تفرض نفسها بالضرورة على الساحة، فتقدم على عجالة من منطلق ضرورة المعرفة وطارئية الظرف.
يكاد يكون من النادر جداً أن يتلقى الإعلامي دورات حقيقية -كما حصل مؤخراً- تعرفه على حقوقه وواجباته خلال فترة النزاعات المسلحة، وحصوله على الدعم والحماية ما استلزم ذلك، وكيف أنه محمي بموجب القانون؛ الأمور التي تمكنه من ممارسة عمله بثقة عالية واطمئنان، ما ينعكس على استعداده الدائم للنزول إلى ميدان النزاع المسلح إيماناً بقدسية الخبر وأهمية نقله.
وفي هذا.. يجدر الإشادة بجهد جمعية الصحافيين البحرينية التي أصابت الهدف تماماً هذه المرة، في واحدة من أهم اختياراتها الموفقة للموضوعات محل المناقشة والتدريب للإعلاميين، والتي ستضيف حتماً لرصيدهم المعرفي خارج نطاق تخصصهم الأكاديمي والمهني مباشرة، وبما يصب في خدمتهم في آن واحد.
غير أن السؤال.. هل كان حضور الدورة هم الفئة المستهدفة، هل هم المرشحون فعلياً من قبل مؤسساتهم الإعلامية لتغطية النزاعات المسلحة أو خوض المعترك السياسي بوجه عام داخل البحرين وخارجها؟ -سواء كانوا صحافيين أو مراسلين أو مصورين- أولم يكن من باب أولى تخصيص هذا النوع من الدورات لدعوات رسمية تقدمها الجمعية بموجب معرفتها بتخصصات الإعلاميين ومجال عملهم الدقيق أو بموجب ترشيحات من قبل المؤسسات التي ينتمون إليها؟
لعل من سيدخل تلك النزاعات فعلياً لم يتلقَ بعد مثل هذه المعلومات التي هي غاية في الأهمية، إن وصلت الدورة لمستحقيها فعلاً، يمكننا القول إن جهود الجمعية قد وضعت في محلها لخدمة أصحاب المجال، وإلاَّ فالجهود مبعثرة ملقاة على عتبات من لا شأن له، ومن المؤكد أن جمعية الصحافيين دوناً عن غيرها تدرك تماماً معنى «من هو المعني بالرسالة؟».