الرأي

عيب يا الأمريكان.. والله عيب!

اتجاهات

قبل أيام عرض فيلم أمريكي يتحدث عن قصة إنشاء موقع الويكيليكس ومؤسسه جوليان أسانج، ورغم أن الأخير -الذي مازال موجوداً في السفارة الإكوادورية في لندن على بعد أمتار من متجر هارودز الشهير لقرابة عامين- رفض الالتقاء بالممثل بنديكت كامبرباتش الذي جسد دوره، إلا أن الفيلم بين كيف أن الوثائق الأمريكية التي نشرت على الموقع تضمنت أسماء «عملاء» يعملون لمصلحة الأمريكان في العديد من الدول، بالعربي الفصيح «جواسيس».
واشنطن التي تدعي دفاعها عن الحريات هي الدولة الوحيدة التي تمارس التجسس على الدول وبطرق ملتوية وخبيثة. واشنطن الدولة التي عانى فيها داكنو البشرة من التمييز العنصري الصارخ ولم يتحصلوا على معاملة إنسانية عادلة سوى قبل أربعين سنة، هي اليوم تريد أن تعلم الدول الأخرى احترام حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية! هي الدولة الوحيدة التي نسفت دولة أخرى بالقنابل الذرية وتريد اليوم أن تنزع أسلحة أي دولة بل وتدعي وجود أسلحة الدمار الشامل لتنفذ مخططاتها التي تخدم مصالحها فقط مثلما فعلت في العراق!
عموماً إن كنا سنتحدث عن المعايير الأمريكية المزدوجة والتناقضات بين تنظيرات البيت الأبيض وأفعاله لاحتجنا صفحات لا تنتهي، وهنا لابد من بيان حقيقة أن الشعوب الأخرى لا تكن الكره للشعب الأمريكي المعروف بطيبته، لكن البغض للسياسة الأمريكية والتي مازال واضعوها يتساءلون بسذاجة «لماذا يكرهوننا؟!»، يكرهونكم جراء أفعالكم التي لا تختلف مع أفعال أي قوى ديكتاتورية متغطرسة سوى في الممارسة الخفية عوضاً عن العمل في وضوح النهار.
آخر مهزلة من مهازل التجسس الأمريكي على الدول هو ما حصل مؤخراً في فرنسا حين تم استدعاء السفير الأمريكي في باريس بسبب فضيحة تجسس كشفتها صحيفة «لوموند» الفرنسية.
وزير الخارجية الفرنسي لوران فاليوس أعلن عن استدعاء عاجل للسفير، حيث قامت الاستخبارات الأمريكية بجمع 70 مليون تسجيل لبيانات هاتفية للفرنسيين فقط خلال ثلاثين يوماً من ديسمبر 2012 حتى يناير 2013.
هذه المعلومات التي سربها إدوارد سنودن المستشار السابق للاستخبارات الأمريكية قد تصل بالعلاقات الأمريكية الفرنسية لحالة عالية من التوتر خاصة وأن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس وصفها بالصدمة.
البيت الأبيض لا يتورع عن فعل أي شيء، هاهو اليوم يتجسس على دولة من الخمس الكبار، سبق وفعلها مع الروس، وبالتأكيد يمكن الجزم بوجود أفعال مشابهة في بريطانيا وحتى الصين، والأخيرة لا تتفاهم مع الجواسيس إلا بالإعدام.
هذا ما تفعله السياسة الأمريكية مع الدول الكبرى، فما بالكم بما تفعله مع الدول الأخرى سواء دول العالم الثالث والدول العربية.
راعية المصداقية والحريات تمارس التجسس؟! والله عيب يا أمريكان!
والحديث ينسحب على ما تشهده البحرين خلال الأشهر الماضية بخصوص دور السفير الأمريكي واجتماعاته مع الانقلابيين ودعمه لهم في ظل لعبه على جميع الأطراف كمحاولة تورية وتغطية.
للأسف السياسة الأمريكية لم تتعامل قط بوضوح وشفافية، كل عملها تربيطات ومؤامرات وتدخلات سافرة في الدول في ظل نزعة السيطرة والتحكم في مصائر الآخرين.
أصدقاؤنا في البيت الأبيض، ستعلمون الآخرين معايير الشفافية وأسس الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وأنتم أول من يضرب المبادئ بعرض الحائط؟!
سيعلمنا احترام حقوق الإنسان من عذب البشر في سجون غوانتانامو وأبوغريب وباجرام، سيعلمنا الإنسانية من قصف اليابانيين بالقنابل الذرية، وسيعلمنا احترام الحريات من يتجسس على البشر، والأدهى سيعلمنا نبذ التمييز من أباد الهنود الحمر ليقيم على أشلائهم دولة السلام والمحبة!