الرأي

تغريـــدات

المسير

ما أحلى أن تكون في لحظات من الخيال الجميل طيراً تحلق بجناحيك في سماء الخير، تجوب أنحاء الدنيا، لتنثر الزهور الجذابة في كل حدب وصوب، «طيرنا الجميل» يجوب الآفاق لا يلتفت للوراء، فهو ليس في حاجة ماسة لمن يعرقل مسير طيرانه، لأنه على ثقة كبيرة بقدراته التي تدفع كل الشرور والمثبطات وتواصل التحليق في سماء الخير، ومن خلال طيرانه الرائع، يغرد طيرنا بتغريداته العذبة، ليضيء الكون بشموع الأمن والسلام والطمأنينة، فماذا غرد؟
يقول الشيخ سلمان العودة: «اهدنا الصراط المستقيم، دعوة جماعية للهداية تكرس التفوق على الأنا التي تحاصر الآخرين بالخطأ، وتختص نفسها بالصواب، فهو هتاف جماعي، ينشد الهداية، ويتضرع إلى الله بتحصيلها»، غرد بالهداية.
في كثير من الأحيان يصطنع البعض «ابتسامة» خادعة من ورائها آلام ونصب الحياة المتعب، فاحذر من أن ترسم ابتسامة كاذبة، لأنك حينها تدوس على عاطفة جياشة تعيش داخل نفسك، غرد بابتسامتك في كل مواضع الحياة، وجرب أن تبتسم لوحدك، وتضحك لوحدك، تعطي نفسك إشارات، بأنك بخير، فلا تكن صارم الوجه، وغرد بالابتسامة.
نوع في أساليبك في الحياة، وجددها بطور جديد في كل حين يدفعك إلى المزيد من النماء والعطاء، ولا تكن أسير «التقليد» أو تنصهر في بؤرة «الروتين القاتل»، كن إيجابياً ولا تستسلم للظروف القاتلة، فغرد بالتجديد.
لا تكن جاف المشاعر جامد في أحاسيسك، لا تستشعر ما يدور حولك، ولا تتأثر بتقلبات ميادين الحياة، لا تفسد حياتك بمنظومة جامدة لا تعطي للمشاعر مكانة تستطيع أن تتعامل مع غيرها «بحب صادق»، غرد بالمشاعر الفياضة.
صبح كل يوم على أهلك وأحبابك ومحبيك وكل من نقش اسمك في لوحة قلبه، قل له صباح الخير، صباحك أمل وتفاؤل وسعادة، اجعله يستشعر بأنك تعيش معه كالظلال وإن أبعدتك الظروف عنه يوماً، أشعره بأنك معه بكلمات قليلة تذكرته بها، فأحس بأن الدنيا بخير، غرد بتصبيحات الصباح.
اعرف كيف تقيم علاقاتك مع الآخرين، وكيف تختار العلاقات الدائمة غير الفاترة التي تحتفظ من خلالها بأروع النفوس المحبة لك، وأهم علامات التقييم «رقي التعامل والاحترام» الذي يزرعه من يحبك في بستان حياتك، لا يتجرأ بأن يتعدى عليك بكلمة مزعجة، ولا أسلوب جاف ينتصر للذات على حساب علاقة الود، غرد بالاحترام.
أصحاب المصالح وتلميع الأسماء على حساب فضائل الأخلاق هم من يعيشون في طبقات عاجية، يطمسون بأياديهم معالم الحقائق، فشخصياتهم آخذة في الاضمحلال، تبتعد بقوة عن مجالسة أهل الصواب، غرد بفضائل الأخلاق.
ما أكثر ما يمليه عليك أرباب المسؤولية من وعود تجعلك تعيش في خضم الأحلام الوردية، «وعود كاذبة» بأسلوب عاطفي جميل يتيح لصاحبها الفرار إلى عالم بعيد عن الجمهور، ولا يعلم صاحبها أن مرد كل ذلك الإجرام سيعود عليه سلباً يوماً ما، فهو ظلم لا تقبله النفوس، غرد بالمسؤولية.
افرح عندما ينجح غيرك، ويحمل على عاتقه مسؤولية نجاحك ونجاح عملك، وأعطه الفرصة لكي يرسم اسمه في خارطة النجاح في كل خطوة يخطوها لتحقيق الأهداف المرجوة، واسعد عندما يفهم المقصود ويمسك دفة المسير بدون أن تعطيه أكثر من توجيه واحد، حينها احرص على أن تعمل كل ما في وسعك لكي يرتقي في طريق الحياة، حتى وإن تقدم عليك خطوات، فذلك يجلب لك بشائر السعد، كمثل المربي والمدرس والمدرب، يفرحون عندما يتفوق عليهم من ربوه وتعبوا على تعليمه، غرد بالنجاح.
احذر من أن تسير في طريق وعر عاقبته وخيمة، طريق فيه العديد من سقطات النفوس وزلل الألسن وفلتات الغيبة والنميمة، احذر من تلك الألسن السامة التي تصطاد في الماء العكر، فتزلزل علاقاتك مع الآخرين وبخاصة مع من تحب، احذر من مجالسة هؤلاء، فطبائع نفوسهم جبلت على الخوض في سير الآخرين، ونقل الكلام من شخص لآخر والوشاية، هؤلاء اركنهم على هامش حياتك، ولا تعطيهم أكثر من حقهم.
عندما ينتهي يومك وتخلد للراحة وتضع رأسك على مخدتك، استذكر حينها ما مضى من يومك، استذكر محاسن الأمور، وأبصر بدقة سقطات نفسك وعجزها، احكم قبضتك على صور الذكريات الجميلة التي تمر عليك كلما خلدت إلى الراحة، إنها فترات جميلة للتأمل والاستعداد للغد المنشود بدعاء جميل: «اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت»، غرد بالمحاسبة.
حياتنا سريعة الثمر، وأرواحنا معلقة بخالق البشر، وأقدامنا في شوق لأعظم الأثر، في حياة تقبل فيها كل قدر.