الرأي

استعراضات «جيش المالكية»!

قطرة وقت

قبل دخول شهر محرم بيوم، تم في إحدى القرى تنفيذ استعراض «عسكري» تحـــت عنوان «الحسين قدوة الثائرين» أثار مجموعة من الأسئلة، ففي أحد شوارعها سار مجموعة من الشباب لا يقل عددهـــم عن الثلاثمائة في صفين طويلين وفي ثلاثة أجزاء يفصل أحدها عن الآخر خطوات قليلة، ويتميز المشاركون في كل واحدة منها بارتدائهم وحملهم قمصاناً وأعلامــاً مختلفة الألوان، لكن ما كان يجمع بينهم هو أنهم كلهم كانوا ملثمين ويحملون أعلام ائتلاف فبراير ويرتدون قمصاناً عليها شعار الائتلاف. كانوا يسيرون مشية عسكرية على طريقة استعراضات حزب الله اللبناني وعلى نغمة التسقيط التي كانت تصدر عن طبل كبير يحمله أحدهم، وهم يرددون شعارات ضد الدولة، ثم توقفوا في طابور إلى جانب بعضهم البعض أمام منصة بدا فيها رجل متقدم في السن يرتدي عمامة وظلوا يرددون ما بدا أنه قسم وعهد.
كل هذا كشفه فيلم فيديو قصير تم نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي (وبثته من دون شك الفضائيات الراعية).
الاستعراض تم تنفيذه في قرية المالكية (أسماها الخبر المرفق بالفيديو بلدة المالكية)، وكان واضحاً أن المكان قد تم تأمينه بشكل جيد، حيث بدا الجميع مطمئنين ومستعدين لأي طارئ، فهذا النوع من الاستعراضات ليس جديداً، حيث سبق أن تم تنفيذه في قرى أخرى.
السؤال الذي يتبادر للذهن للوهلة الأولى هو؛ ما الرسالة التي يراد توصيلها من خلال هذا الاستعراض، خصوصاً وأنه تم ربط هذه «الفعالية» بعاشوراء؟ فالمشاركون كانوا يحملون أيضاً الرايات الحسينية ويرتدون الملابس السوداء ويرددون شعارات ضد الدولة. يلي ذلك سؤال عما إذا كانت وزارة الداخلية قد رصدت تلك الفعالية وعلمت بها في الوقت المناسب أم لا؟ وما إذا تعامل رجال الأمن معها.
ثم ينبري سؤال مهم عن مدى التناقض بين القول بأن من تم اتهامهم بتأسيس جيش المهدي وحكموا الأسبوع الماضي مظلومين وبين المثال العملي المتمثل في هذا الاستعراض الذي يقرر كل من شاهده بأن المشاركين فيه أساس لجيش يتم تدريبه ليكون قادراً على الدخول في حرب عصابات. وأخيراً يأتي السؤال الأكبر وملخصه إلى أين نحن سائرون؟ ذلك أن عمل هذه الاستعراضات يعني تشكيل جيش، وتشكيل جيش يعني الدخول في مواجهات مسلحة مع المعنيين بتوفير الأمن، وهذا يعني أن نتحول إلى عراق جديد، وقد نتصومل.
ما تم نشره أمر خطير ينبغي الوقوف في وجهه بحزم، وينبغي أن يكون للدولة دور لمنعه ووضع حد له، فالفيديو كشف مظهراً يستدل منه على أن جانبه المخفي يعني وجود تنظيم على أعلى مستوى ووجود تدريبات تنفذ في الداخل والخارج، ويعني وجود مدربين ذوي خبرة طويلة لا تتوفر بين البحرينيين، وهو ما يعني أيضاً أن التنظيم الذي يتشكل ليتحول بعد قليل إلى تنظيم مسلح (يهاجم ويختطف ويحاكم ويعاقب) مدعوم من الخارج بقوة.
لا أعرف إن تم تنفيذ استعراضات أخرى في الأيام الماضية في قرى أخرى، لكن أمراً آخر لافتاً أيضاً حدث في نفس يوم الاستعراض، وهو خروج قرية المعامير في مسيرة غريبة هي الأخرى تم تنفيذها تحت عنوان «تدشين الراية الحسينية»، وهو ما يحدث -حسب علمي- للمرة الأولى في البحرين، ذلك أن موسم عاشوراء في كل عام يبدأ بتعليق السواد والقراءات الحسينية، لكن تدشين الراية الحسينية لا يتم إلا في الليلة الأولى من محرم في حرم الإمام الحسين في كربلاء في احتفال رسمي ينقل مباشرة.
دوري ككاتب صحافي يتوقف عند التنبيه إلى الخطأ، الدور الباقي على المعنيين بالدولة قبل أن يتحول جيش المالكية إلى جيش للقاعدة، ولكن بطعم مختلف!