الرأي

سعادة السفير كحلها ولا تعميها

كلمة أخيرة

حين يقول سعود الفيصل إن العلاقات الأمريكية السعودية على خير مايرام وهو جالس في مكتبه وفي داره معززاً مكرماً وكيري وزير الخارجية الأمريكي هو من سعى لمقابلته حينها نطمئن إلى أن الرسالة السعودية وصلت.
وحين يقــول كيـــري إن الإدارة الأمريكيـــة تدعـــم الخطوات المصرية نحو الديمقراطية في مصر وليس في واشنطن نطمئن إلى أن الرسالة المصرية وصلت.
بقي إذاً أن ننتظر أن تتحول الأقوال الأمريكية إلى أفعال، تماماً كما طلبت الإدارة الأمريكية من إيران أن تتحول أقوالها الغزلية إلى أفعال وذلك لأنها لا تثق بها لتعدد كذبها ونفاقها، كذلك نحن كشعوب عربية أيضاً لم نعد نثق في التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى تتحول أقوالها إلى أفعال، ولا أعتقد أن قيادات المنطقة تختلف معي كثيراً، فحجم الشرخ الذي أحدثته الإدارة الأمريكية كبير جداً ومس أعماقنا وليس من السهل كسب ثقة الشعوب خاصة العربية بعد أن تخسرها.
الإدارة الأمريكية بنت استراتيجياتها على حسابات مغلوطة تعتقد أنه لا شعب في مصر إلا مجموعة المرشد الأعلى ولا شعب في البحرين إلا مجموعة المرشد الإيراني (الولي الفقيه) وحين تبين لها خطأ حساباتها كان الشرخ قد زاد عمقاً بينها وبين الشعبين وبينها وبين المملكة العربية السعودية، فدعمها للجماعتين كان يهدد أمن أكبر دولة عربية في المنطقة، والآن حين تجهد الإدارة الأمريكية بترميم العلاقة فليس من المناسب من سعادة السفير الأمريكي في البحرين أن يرتكز خطابه للشعب البحريني بتنصل الإدارة الأمريكية من أخطائها ويرمي الكرة في ملعب الشعوب العربية التي كانت غبية وفهمت خطأ وهي التي تنشر الأباطيل والكذب!!
التنصل من الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية لم يعد مجدياً، دعم الإدارة الأمريكية للمجموعات على حساب الشعوب الآن كتنصل المرأة التي تجهد في ستر عورتها وهي مازالت على الفراش مع عشيقها، فات الأوان، كان من الأفضل الإقرار بالخطأ، حتى نعرف أن الإدارة الأمريكية فعلاً أدركت أن شعب مصر ليس تابعاً للمرشد الأعلى، وشعب البحرين لا يمكن أن يخنع للمرشد الأعلى.
ترميم العلاقة وردم هوة الثقة لا يكون باعتبار كشف العلاقة الآثمة بين الإدارة الأمريكية وبين الوفاق (أكاذيب) باطلة تستاء منها إدارتك أو تقلق، (يا أخي على الأقل أكدت على وجود العلاقة دون أن تتهم الشعوب بالكذب.. قليلاً من الدبلوماسية) فلم تكن مجرد لقاءات يا سعادة السفير تلك التي كشفتها وثائق وكيليكس، بل كانت أكثر من ذلك بكثير، ودع عنك ويكليكس.. لقد كانت دعماً سافراً على حساب رغبة الشعب البحريني وإرادته الذي تصد لكم في الفاتح، لم تكن مجرد لقاءات عادية ضمن الأصول والأعراف البروتوكولية، بل إن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أراد فرض الوفاق على الشعب البحريني بالقوة بناء على تقاريركم، ولن ننسى خطابه في الأمم المتحدة أبداً، ولن ننسى حجم الدعم المادي الذي حصلت عليه الوفاق والدعم المعنوي الذي تمثل في فتح الأبواب في الكونجرس وفي مجلس الشيوخ ووو.. ولن ننسى كيف ساعدت وزارة الخارجية الأمريكية الوفاق لها ولنشر أكاذيبها وتزويرها للحقائق، ولن ننسى التدريب والإعداد والترويج الإعلامي.. فلم تكن مجرد لقاءات يا سعادة السفير... ولا عيب في خطأ الحسابات ولا بأس من المراجعات ومحاولة تدارك الأخطاء والحمد لله أن الرسالة وصلت بفضل من الله وثم صمود مصر والمملكة العربية السعودية.. لكن العيب في التمادي والمكابرة وإنكار الوقائع التي عايشناها لحظة بلحظة والتي لن تمحى من ذاكرتنا أبداً... فإذا أردت أن تكحلها فلا تعميها هذه المرة.