آه منك يا «ديزل»!
اتجاهات
الأربعاء 25 / 12 / 2013
لما سقطت الأمطار قبل أسابيع، قلنا: الله يجازيك خير يا مطر، طلعت «المستخبي»، وبان ضعف البنية التحتية، واكتشفنا أنه لا توجد لا شبكة تصريف صحيحة ولا خطة لاحتواء هذه المشاكل.
اليوم نقول: آه منك يا ديزل، فرفع سعره كشف أموراً في جوانب عديدة، لكن المصيبة أن نهاية كل مشهد على هذه الشاكلة لا تجد فيه إلا صورة واحدة ممثلة بـ«المواطن صريعاً على المسرح»!
الآن تعال يا وزير معني بالموضوع، وتعالوا يا نواب واشرحوا للناس ماذا فعلتم بهم خلال الأيام الماضية. نعم، اشرحوا لهم وكفى عبثاً بمشاعر هذا الكم من البشر، وكفى سكوتاً ومواربة وكفى كلاماً مبهماً وكفى مواقف «عنترية» في النهاية تتحول إلى مواقف «شيبوبية»!
خرج تصريح من مسؤولين يمثلون الحكومة يعلنون فيه رفع سعر الديزل ويقولون في مضمون التصريح إن «المواطن سيستفيد» وإن «المواطن سيعوض»، دون أن تكون هناك أرقام واضحة أو آلية صريحة يمكن «قياسها». مصيبتنا في هذا البلد «عملية القياس»، إذ كثير مما يصرح به ويعلن وينفذ من مشاريع وخطط واستراتيجيات «لا يمكن قياسه» خاصة إن كان مطرزاً بـ«ديباجات» كلامية ومفردات «جزيلة» في ألفاظها ومعانيها.
بالأمس انسحب النواب من الجلسة، ولوهلة أولى يبدو الموقف جميلاً ورائعاً، خاصة وأن الناس «تعبت» وهي تطالب النواب باتخاذ مواقف قوية وحتى احتجاجية حينما تتعلق المسألة بأمور مرتبطة بالناس.
لكن الانسحاب بحد ذاته خلق مشكلة، والمشكلة معنية بتبريرات الانسحاب، وهنا مربط الفرس.
أحد القراء الكرام يعاتب بالأمس ويقول: أخي فيصل أنت دائماً تطالب النواب باتخاذ موقف، وحينما اتخذوا موقفاً ها أنتم تنتقدونهم!
هنا أعود للجملة أعلاه، المشكلة بأن التبرير هو محل الانتقاد، هناك -بحسب ما تابعنا من ردات فعل- من انزعج من قيام الحكومة ممثلة بالمسؤول المعني باتخاذ قرار منفرد بمنأى عن مجلس النواب الذي هو -المفترض- شريك في طرح واقتراح وصوغ والموافقة على التشريعات أو رفضها، وبين من انسحب احتجاجاً على «جوهر» العملية وهنا نعني رفع السعر ووقف الدعم.
هناك فارق بين المسألتين، إن كان الانسحاب «زعل» نيابي لأنهم لم يوضعوا في الصورة أو يؤخذوا بعين الاعتبار، فالتوجس مطلوب هنا من الناس والصحافة، والأخيرة تفترض بديهياً أنه لو تم وضع النواب في الصورة مثلاً وإشراكهم في العملية هل كانت النتيجة ستتغير؟!
هنا مربط الفرس، هل جميع الأعضاء الذين انسحبوا رفضهم بشأن «الآلية» أم «القرار»، ولا يحق للنواب لوم الناس، فالتجارب والخبرة الشعبية مع هذا البرلمان تدفع الناس دائماً وبالضرورة لافتراض «الأسوأ».
في سرد سريع جداً، الناس لها تجارب مع «فوران» النواب ومع «انسحاباتهم» ومع «زوابع» ثارت ثم «خمدت» ومع نهايتها مررت المسائل التي كانت موضع رفض قاطع.
يجب أن يجيب الناس بصراحة وشفافية، هل الانسحاب بسبب رفع السعر، أم اتخاذ القرار بمعزل عنهم؟!
الإجابة تضع النقاط على الحروف، مثلاً اقتطاع التعطل بنسبة 1% الذي لم يستشر فيه الشعب بل فرض عليه فرضاً، هذا الاقتراح شاوروكم فيه يا نواب ومع ذلك قبلتم به! ورغم التذمر المستمر حتى الآن، لم نر انسحاباً نيابياً وتلويحاً بتعطيل الجلسات حتى يلغى هذا الاستقطاع.
عموماً، تجارب الناس كثيرة كما أسلفنا، هم مثلاً رأوا رفضاً متكرراً من الدولة لرفع الرواتب وذرائع بالعجز الإكتواري وضعف الميزانية، وأيضاً هذه المسألة الهامة والحساسة لم تشهد انسحابات نيابية وتعطيلاً للجلسات وتلويحاً بعدم العودة إلا في حال أوقفت الحكومة القرار. تذكرون كيف مشت الميزانية في النهاية، وكيف تحولت اقتراحات زيادة الرواتب لأخشاب بولينغ تسقط بضربة واحدة.
أيضاً يذكر الناس سجالات طيران الخليج، وكيف أنه رغم الرفض النيابي المتكرر إلا أنه في النهاية تأتي الناقلة الوطنية لـ«تغرف» كم مليوناً (بس كم مليون) من موازنة الدولة، وينتهي الحال بالنواب مهزومين بالضربة القاضية!
إن كان بعض النواب يظن بأن هذا الموقف سيرفع من أسهمه وسيدفع الناس للهتاف وخاصة أنه تفصلنا شهور عن انتخابات جديدة لفصل تشريعي جديد، فإنه مخطئ تماماً، لأن الناس باتت لا تريد مواقف «آنية»، لا تريد احتجاجاً «لحظياً» أو «انسحاباً تكتيكياً» نتيجة «زمرة أو زعل»، وحتى إن كان انسحاباً نتيجة «رفض وغضب»، فإن الناس تريد الصمود على الموقف وتغليب مصلحتهم في الأول والأخير.
مشكلة كثير من النواب أنهم «سريعو الزعل»، بعضهم «يتجاهل الناس» متناسياً حمله أمانة أصواتهم بالتالي «مفروض» عليه الاستماع لهم، وبعضهم يسارع للرد عبر الصحافة أو وسائل التواصل بالكلام بدلاً من الرد بأفعال أو حتى مواجهة صريحة ومباشرة مع ناخبيه.
النواب عليهم سؤال أنفسهم بشأن ردات فعل الناس، هذه ظاهرة يجب أن يبحثها النواب ويحددوا أسبابها، والتي هي أسباب واضحة حتى لـ«العميان»، كثرة الخذلان يا جماعة تزعزع الثقة، وحينما تخذل الناس مرة واثنتين وثلاث فلن تكسب ثقتهم، ستتحول في نظرهم مثل الراعي «الكاذب» الذي ادعى مرتين أن الذئب هاجم أغنامه فقط ليضحك على أهل القرية حينما يهبون لنجدته، وحينما جاءت الثالثة «الثابتة» وهجم الذئب لم يكترث أحد لصراخه وجزموا بأنه يكذب من جديد فراح ضحية للذئب هو وأغنامه.
يا سعادة النواب لا تنزعجوا من رأي الناس فيكم وفي أدائكم، وإذا «انزعجتوا» سنقول: سبحان مغير الأحوال، أليس هؤلاء هم أنفسهم الناس الذين كنتم تضعون آراءهم فوق الرأس ومحل الاهتمام وقت الانتخابات؟!
عموماً، مازال الموضوع في بدايته، والحكم الفصل سيكون في المشهد الختامي، النواب المنسحبون أم الديزل؟!
رجاء اقرؤوا ما نكتب بشكل صحيح، نريد منكم الصمود في المواقف التي تخدم المواطن وتحمي حقوقه وتحقق له مكتسبات، أما ثورة غضب وقتية يرفع معها المواطن توقعاته وطموحاته، ثم يعقبها رضوخ واستسلام، فهو ما يرفض تماماً أن يصدر عن نائب أقسم بأنه يحمل أمانة تمثل الناس وصون حقوقهم والدفاع عنهم.
اليوم نقول: آه منك يا ديزل، فرفع سعره كشف أموراً في جوانب عديدة، لكن المصيبة أن نهاية كل مشهد على هذه الشاكلة لا تجد فيه إلا صورة واحدة ممثلة بـ«المواطن صريعاً على المسرح»!
الآن تعال يا وزير معني بالموضوع، وتعالوا يا نواب واشرحوا للناس ماذا فعلتم بهم خلال الأيام الماضية. نعم، اشرحوا لهم وكفى عبثاً بمشاعر هذا الكم من البشر، وكفى سكوتاً ومواربة وكفى كلاماً مبهماً وكفى مواقف «عنترية» في النهاية تتحول إلى مواقف «شيبوبية»!
خرج تصريح من مسؤولين يمثلون الحكومة يعلنون فيه رفع سعر الديزل ويقولون في مضمون التصريح إن «المواطن سيستفيد» وإن «المواطن سيعوض»، دون أن تكون هناك أرقام واضحة أو آلية صريحة يمكن «قياسها». مصيبتنا في هذا البلد «عملية القياس»، إذ كثير مما يصرح به ويعلن وينفذ من مشاريع وخطط واستراتيجيات «لا يمكن قياسه» خاصة إن كان مطرزاً بـ«ديباجات» كلامية ومفردات «جزيلة» في ألفاظها ومعانيها.
بالأمس انسحب النواب من الجلسة، ولوهلة أولى يبدو الموقف جميلاً ورائعاً، خاصة وأن الناس «تعبت» وهي تطالب النواب باتخاذ مواقف قوية وحتى احتجاجية حينما تتعلق المسألة بأمور مرتبطة بالناس.
لكن الانسحاب بحد ذاته خلق مشكلة، والمشكلة معنية بتبريرات الانسحاب، وهنا مربط الفرس.
أحد القراء الكرام يعاتب بالأمس ويقول: أخي فيصل أنت دائماً تطالب النواب باتخاذ موقف، وحينما اتخذوا موقفاً ها أنتم تنتقدونهم!
هنا أعود للجملة أعلاه، المشكلة بأن التبرير هو محل الانتقاد، هناك -بحسب ما تابعنا من ردات فعل- من انزعج من قيام الحكومة ممثلة بالمسؤول المعني باتخاذ قرار منفرد بمنأى عن مجلس النواب الذي هو -المفترض- شريك في طرح واقتراح وصوغ والموافقة على التشريعات أو رفضها، وبين من انسحب احتجاجاً على «جوهر» العملية وهنا نعني رفع السعر ووقف الدعم.
هناك فارق بين المسألتين، إن كان الانسحاب «زعل» نيابي لأنهم لم يوضعوا في الصورة أو يؤخذوا بعين الاعتبار، فالتوجس مطلوب هنا من الناس والصحافة، والأخيرة تفترض بديهياً أنه لو تم وضع النواب في الصورة مثلاً وإشراكهم في العملية هل كانت النتيجة ستتغير؟!
هنا مربط الفرس، هل جميع الأعضاء الذين انسحبوا رفضهم بشأن «الآلية» أم «القرار»، ولا يحق للنواب لوم الناس، فالتجارب والخبرة الشعبية مع هذا البرلمان تدفع الناس دائماً وبالضرورة لافتراض «الأسوأ».
في سرد سريع جداً، الناس لها تجارب مع «فوران» النواب ومع «انسحاباتهم» ومع «زوابع» ثارت ثم «خمدت» ومع نهايتها مررت المسائل التي كانت موضع رفض قاطع.
يجب أن يجيب الناس بصراحة وشفافية، هل الانسحاب بسبب رفع السعر، أم اتخاذ القرار بمعزل عنهم؟!
الإجابة تضع النقاط على الحروف، مثلاً اقتطاع التعطل بنسبة 1% الذي لم يستشر فيه الشعب بل فرض عليه فرضاً، هذا الاقتراح شاوروكم فيه يا نواب ومع ذلك قبلتم به! ورغم التذمر المستمر حتى الآن، لم نر انسحاباً نيابياً وتلويحاً بتعطيل الجلسات حتى يلغى هذا الاستقطاع.
عموماً، تجارب الناس كثيرة كما أسلفنا، هم مثلاً رأوا رفضاً متكرراً من الدولة لرفع الرواتب وذرائع بالعجز الإكتواري وضعف الميزانية، وأيضاً هذه المسألة الهامة والحساسة لم تشهد انسحابات نيابية وتعطيلاً للجلسات وتلويحاً بعدم العودة إلا في حال أوقفت الحكومة القرار. تذكرون كيف مشت الميزانية في النهاية، وكيف تحولت اقتراحات زيادة الرواتب لأخشاب بولينغ تسقط بضربة واحدة.
أيضاً يذكر الناس سجالات طيران الخليج، وكيف أنه رغم الرفض النيابي المتكرر إلا أنه في النهاية تأتي الناقلة الوطنية لـ«تغرف» كم مليوناً (بس كم مليون) من موازنة الدولة، وينتهي الحال بالنواب مهزومين بالضربة القاضية!
إن كان بعض النواب يظن بأن هذا الموقف سيرفع من أسهمه وسيدفع الناس للهتاف وخاصة أنه تفصلنا شهور عن انتخابات جديدة لفصل تشريعي جديد، فإنه مخطئ تماماً، لأن الناس باتت لا تريد مواقف «آنية»، لا تريد احتجاجاً «لحظياً» أو «انسحاباً تكتيكياً» نتيجة «زمرة أو زعل»، وحتى إن كان انسحاباً نتيجة «رفض وغضب»، فإن الناس تريد الصمود على الموقف وتغليب مصلحتهم في الأول والأخير.
مشكلة كثير من النواب أنهم «سريعو الزعل»، بعضهم «يتجاهل الناس» متناسياً حمله أمانة أصواتهم بالتالي «مفروض» عليه الاستماع لهم، وبعضهم يسارع للرد عبر الصحافة أو وسائل التواصل بالكلام بدلاً من الرد بأفعال أو حتى مواجهة صريحة ومباشرة مع ناخبيه.
النواب عليهم سؤال أنفسهم بشأن ردات فعل الناس، هذه ظاهرة يجب أن يبحثها النواب ويحددوا أسبابها، والتي هي أسباب واضحة حتى لـ«العميان»، كثرة الخذلان يا جماعة تزعزع الثقة، وحينما تخذل الناس مرة واثنتين وثلاث فلن تكسب ثقتهم، ستتحول في نظرهم مثل الراعي «الكاذب» الذي ادعى مرتين أن الذئب هاجم أغنامه فقط ليضحك على أهل القرية حينما يهبون لنجدته، وحينما جاءت الثالثة «الثابتة» وهجم الذئب لم يكترث أحد لصراخه وجزموا بأنه يكذب من جديد فراح ضحية للذئب هو وأغنامه.
يا سعادة النواب لا تنزعجوا من رأي الناس فيكم وفي أدائكم، وإذا «انزعجتوا» سنقول: سبحان مغير الأحوال، أليس هؤلاء هم أنفسهم الناس الذين كنتم تضعون آراءهم فوق الرأس ومحل الاهتمام وقت الانتخابات؟!
عموماً، مازال الموضوع في بدايته، والحكم الفصل سيكون في المشهد الختامي، النواب المنسحبون أم الديزل؟!
رجاء اقرؤوا ما نكتب بشكل صحيح، نريد منكم الصمود في المواقف التي تخدم المواطن وتحمي حقوقه وتحقق له مكتسبات، أما ثورة غضب وقتية يرفع معها المواطن توقعاته وطموحاته، ثم يعقبها رضوخ واستسلام، فهو ما يرفض تماماً أن يصدر عن نائب أقسم بأنه يحمل أمانة تمثل الناس وصون حقوقهم والدفاع عنهم.