الرأي

تعاطٍ جديد مع تقرير ديوان الرقابة المالية

نقطة نظام

صـــدر تقرير ديوان الرقابة المالية العاشــــر، وحمل في طياته ما حمل من تجاوزات ومخالفات إدارية، حيث كان تقرير العام هو الأكبر منذ إنشاء هذا الديوان.
وهنا قبل أن نتساءل ماذا سنفعل وسنتصرف على الصعيد الداخلي في التعامل مع هذا التقرير، هناك نقطة مهمة لابد من الإشارة إليها، أن تلك المنظمات الدولية التي ذقنا منها ما ذقناه خلال الأزمة من انحياز وتسييس واضح وفاضح، لم تذكر أي شيء لا من قريب ولا من بعيد عن مستوى الشفافية الذي ساد المملكة على مستوى الفساد المالي والإداري.
ففي الوقت الذي تعيش فيه المملكة موسماً شفافاً مع التقرير، بكل ما فيه من تجاوزات، فإن ذلك لم يرقَ إلى أن يكون شيئاً يستحـــق الذكر مع تلك المنظمات التي تدعي أنها تكافح الفساد أو تقيس مستوى الشفافية، أو تدعم الديمقراطية.
هذه المنظمات غير فالحة إلا في الانصيــاع للأوامر، والانقياد للدول الكبرى وتنفيذ سياساتها في المنطقة، فبرغم كل ما نمر به من تقدم وتنفيذ لتوصيات يراها العالم على جميع المستويات، فإن تلك المنظمات لا ترى إلا ما يراه فرعون، أعتقد أنه لابد للجمعيات السياسية، والجمعيات الأهلية، وحتى الجهات الحكومية، مراسلة تلك الجهات ومطالبتها بحل نفسها أو تصدر بيانات تعترف فيها بخجلها من سياساتها التي كانت تتعاطى بها مع دولتنا وجميع الدول المشابهة الأخرى.
ولكي نكون أكثر وضوحاً، نحن نتحدث هنا عن منظمة الشفافية العالمية، والمنظمة العالمية لمكافحة الفساد، مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وغيرها من المنظمات التي أصبحت معاييرها موضع شك فاقع وضع مصداقيتها على المحك في أكثر من موقع وعلى أكثر من صعيد.
على الصعيد الداخلي، نحتاج لخطة متكاملة وعاجلة لعلاج التقرير، وأنا هنا لا أعول على مجلس النواب بالدرجة الأولى، ولكن أعول على الصحافة، حيث إن أغلب الصحف حينما نشرت التقرير كأنما أدت دورها وانتهى الموضوع، وهذا المفهوم يجب أن يصحح، لذلك ننصح الصحف بأن تقوم بتخصيص صفحة يومية عن التقرير، تستهدف في كل يوم جهة واحدة، وتنتظر ردها، ومن ثم تتابع معها ماذا أصلحت، وهكذا على مدار العام.
لابد من تخصيص صحافي في كل صحيفة، يعمل على هذا التقرير، ويخصص جزءاً من الصفحات الأولى للتقرير اليومي، والجهة المستهدفة، ومن ثم يخصص جزء الرد، ويكون الرأي العام على اطلاع أولاً بأول.
إن نشر التقرير كله في ملحق واحد في الصحف المحلية والاكتفاء بذلك على مدى عشر سنوات مضت، كان حالة غير مجدية في علاج التقرير، حيث تتعامل الصحافة بأسلوب خبري بحت، وكأن ما نشر في الملحق لا يمكن أن ينشر مرة أخرى.. بل العكس هناك مجال واسع جداً.. فلو اتبعت الصحف طريقة الصفحة اليومية، فلن يمضي العام إلا وأصلحت الجهات من حالها بفضل الضغط الصحافي. ومن هنا نقترح تخصيص محرر شؤون الرقابة المالية ليقوم بهذه المهمة الثقيلة، وعدم التعويل على الحكومة أو انتظار مجلس النواب.
لا نريد من تقرير ديوان الرقابة المالية أن يكون تقريراً موسمياً تنتهي مهمته في الصحافة فور صدوره، بل على العكس، هناك مادة صحافية ومماحكات وحروب تنتظر الصحافة، وهي الأداة الأكثر فاعلية وسطوة من بقية السلطات.
لابد من صفحة تخاطب الوزير المعني مباشرة، بعناوين تبرز المخالفات وأسئلة عن طريقة العلاج، والأكبر من ذلك، أرشفة كل كلام وردود الوزارة، ووضع جدول زمني لكل منها ووعودها بالإصلاح، ومن ثم الخروج بنتائج تنشر في الصحيفة عن متابعاتها لتلك الوزارات، أعتقد أن هذا العمل من أكثر الأعمال التي يمكن أن تشكر عليها الصحافة لو قامت به، لأننا لا نريد أن ننتظر الجهات الأخرى.