الرأي

مـن وحـي الخاطـــر

المسير

يقول الدكتور مصطفى السباعي: «عش في الحياة كعابر سبيل يترك وراءه أثراً جميلاً، وعش مع الناس كمحتاج يتواضع لهم، وكمستغن يحسن إليهم، وكمسؤول يدافع عنهم، وكطبيب يشفق عليهم، ولا تعش معهم كذئب يأكل من لحومهم، وكثعلب يمكر بعقولهم، وكلص ينتظر غفلتهم، فإن حياتك من حياتهم، وبقاءك ببقائهم، ودوام ذكرك بعد موتك من ثنائهم، فلا تجمع عليك ميتتين، ولا تؤلب عليك عالمين، ولا تقدم نفسك لحكمتين، ولا تعرض نفسك لحسابين، ولحساب الآخرة أشد وأنكى».
- يقول الشيخ سلمان العودة: «كان يهاتف صاحبه وبينهما آلاف الأميال، ووجد حافزاً يقول له: لكي تثبت صدقك وصفاءك عليك أن تبتسم، وفعلاً ابتسم ابتسامة واضحة، وبدا له أن أثر هذه الابتسامة سيظهر على طريقته في الحديث، لينتقل الأمر إلى الطرف الآخر، الذي سيشعر بالامتنان والسرور بأن شخصاً يبتسم له بعفوية دون أن يراه «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، رواه البخاري».
- كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: «إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك» رواه البخاري. إنها رسالة واضحة المعالم لأناس تركوا الحياة تدور في بوتقة النسيان والأوحال، رسالة تقرص النفوس كقرص الجوع، تعطيك إشارات مؤثرة تقرع الآذان وتبهج النفس بأن الحياة إنما هي بصمات واضحة ولمسات صادقة، تجعل معها ساعة الرحيل كوجه باسم ازدهرت حياته بالإنجازات والعطاء.
- في بعض الأحيان تحاول جاهداً أن تخفي قطرات الدمع والألم الصامت الموجع في داخل نفسك، والغصة الخانقة التي لا تفارقك، ولكنك ستنفجر في لحظة أخرى بسبب الخطب الجلل الذي يصارع نفسك وأنت تشاهد مسرحيات الحياة الساخرة، حسرات لاذعات، وفواجع دامية تصدع القلوب، وميدان دموي تهتك فيه الأعراض، وتزهق فيه النفوس، وتسال فيه الدماء، إنه ميدان «سوريا الجريحة» التي حولها وحوش البشر الكاسرة إلى جحيم مستعر شتت الأسر وفرق الأحباب وحرق الأخضر واليابس، وقضى على كل مقومات الحياة، جحيم تبك العين عليه دماً في ظل صمت دولي فاضح!!
- ومع آلام سوريا الجريحة، هناك من يرقص على جراحاتها، ويتلذذ بالضحكات الفارغة، والتفاهات الساذجة، إنها مرحلة «اللاوعي» بآلام الأمة وجراحاتها الدامية!!
- قد تفتتن في مرات عديدة في «مسيرك» في الحياة، وتتعرض لعراقيل ومثبطات تعض أصابع الندم حسرة على ضياع مواقفك الشجاعة، حينها لا تجزع واصبر واحتسب واثبت في مواطن الشدة.
- «همتك وعزيمتك» هما الدافع الأكبر لاستمرار «مسيرك الإيجابي» وعجلة العطاء والإنجاز في حياتك، فكن على ثقة بقدراتك.
- يزداد شوقك في مرات عديدة إلى تلك النغمات البارعة، والألحان الشجية التي عرفتها يوماً مع أحباب مازالوا يتذكرون مواقف الحب التي عاصرتها معهم، يزداد شوقك لمعان جميلة عشقت جمالها يوماً، لأنك بالفعل شخصية فذة ورائعة لا تتردد في ارتياد محاضن الخير، إنه بالفعل خيال جميل تتشبث به في حياتك.
- في بعض الأحيان تتعثر كلماتك في البوح عن «معاني الحياة المضطربة»، حينها احذر من أن تستمر في «سرحانك وتعثرك» لأنك لم تحطم الآلام التي تنخر في جسدك.
- قد تواجهك «متاريس العيش» المزعجة، فلا تنزعج منها أبداً، لأنك عرفت «سمو الطريق» واسترشدت بشرائع المولى الحكيم، وسقيت نفسك من معين «الإيمان» فهو خير محرك للخير، وخير حافظ من الشر.
- ما أروعك عندما تترك «ثقل الحياة» وإزعاجاتها، و»توافه الكلام»، وتنجو بنفسك إلى معاني «التأمل والهدوء والسكينة».
- ما أروعك عندما تدفع بآلام الحياة دفعاً إلى بحور النسيان، وترسو سفينتك عند الملك الديان، وتتذكر تقصيرك في جنبه، وتتجرد من كل سبل المغويات.
- ما أحلى السجود في جو من الطمأنينة والسكينة والهدوء، تتلذذ فيه بمناجاة المولى القدير، فطهر نفسك واذكر حاجاتك في موضع القرب من الديان.
- جميل جداً أن تكون زهرة فاتنة تسر الناظرين، بقلب طيب، ومعدن أصيل، ونية خالصة في حب الخير للآخرين، ولكن الحذر واجب في كل حين، فهناك من يتصيد في الماء العكر، ويستغل طيبتك ومسيرك في الخير من أجل أن يوقعك فريسة للتصادمات مع من تحب، فيعكر الصفو ويشحن النفوس، ولتكن «النية الخالصة» هي الأثر الذي تبصمه في المسير، وتذكر حينها بأن هناك من يراقب سريرتك ويطلع على نيتك «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».
- الحب في الله شجرة باسقة، لا يتقن قطف ثمارها، إلا من أتقن ريها في الوقت المناسب.