الرأي

هل طرد الدبلوماسيين بدعة؟!

هل طرد الدبلوماسيين بدعة؟!

نبدأ بفنزويلا؛ حيث أمر رئيسهـــا نيكولاس مادورو بطرد القائمة بالأعمال الأمريكية كيلي كيدرلنع واثنين آخرين من موظفي سفارة الولايات المتحدة في كراكاس، بتهمة التخريب الاقتصادي والتآمر لزعزعة استقرار الحكومة مع جماعات اليمين التي تخطط لإثارة اضطرابات أهلية على غرار ليبيا وسوريا، والذي وصفته بأنه «نموذج جديد لسياسة التدخل»، كما طردت قبلهم ملحقين عسكريين أمريكيين لاتهامهما بالتآمر أيضاً ضد الحكومة، أي أن طرد الدبلوماسيين والملحقين العسكريين ليس بدعة!!.
وها هــي بوليفيــا الأخــرى عـام 2008 تطرد السفير الأمريكي غولدبرغ، متهمة إياه «بتزعم الانقسام» داخل بوليفيا عن طريق تشجيع الاحتجاجات ضد الحكومة مع المعارضة، حيث أعلن الرئيس موراليس خلال مراسم في القصر الحكومي أنه «بدون خوف من أي شخص، بدون خوف من إمبراطورية «أمس بليما» أمامكم، أمام الشعب البوليفي، أعلن أن سيد غولدبرغ شخص غير مرغوب فيه»، كما أمر أيضاً الرئيس موراليس عام 2009، بطرد دبلوماسي أمريكي من بلاده معتبراً أيضاً أنه «شخص غير مرغوب فيه» بعد أن اتهمه بالاتصال بجماعــــات المعارضــــة المناهضـــة لحكومته، حيث قال إن فرانسيسكو ماتينز، أمريكي من أصل مكسيكـي، كان على اتصال دائم بجماعات المعارضـة «طيلة فترة المؤامرة»، وأضاف: «عصر الاستعمار قد ولى دون رجعة في أمريكا اللاتينية»، كذلك عام 2013 رفضت الحكومة البوليفية الموافقة على الدبلوماسي الذي رشحته أمريكا لتولي منصب سفير لها في بوليفيا، حيث قال وزير الخارجية البوليفي إن إجراءات الموافقة على المرشح جيمس نيلون تجمدت بسبب انتقاداته لبوليفيا وفنزويلا.
إذاً طرد الدبلوماسيين ليس بدعة عندمـــا يتجـــاوز هـــذا الدبلوماســي حــــدود سفارتـــه وآداب ضيافتــــه، الدبلوماسيون الذين يتواصلون مع الجماعات الإرهابية والمعارضات التي تقود المؤامرات لقلب نظام الحكم، وذلك كما يحدث لدينا في البحرين عندما تتجاوز السفارات الأجنبية حدود الأعراف الدبلوماسية، وتتحول من سفارة إلى أوكار للمؤامرات، ومنها سفارات وسفير يزور مقر الوفاق، وكأنه يزور الحاكم، حيث يأخذ معه صوراً، وتخرج بعد الزيارة تقارير وتباشير، زيارة يتبادل فيها الحديث عن مستقبل وتطوير العلاقات بين الوفاق وبين دول السفارات الأجنبية.
إذاً بعض السفارات الأجنبية كانت تدعم الوفاق وتحرضها على الإرهاب وتتآمر ضد الحكومة وزعزعة استقرار البحرين، كما تخطط لمصادمات أهلية وإثارة الاضطرابات، وهو ليس ادعاء ولا من تأليف الخيال؛ بل باعتراف علي سلمان، حيث ذكر ذلك في خطبة الجمعة 4 أكتوبر فقال: «كنا مع بعض السفارات في بداية الثورة وكانوا يقولون إن موضوع التمييز في البحرين يجب أن يعالج، ونحن نؤكد أن الموضوع السياسي هـــو الأصـــل ويجب أن يحل، والوضع السياسي هو الذي ولد مشكلة التمييز، فالسفارات تعلم ولديها معلومات حول هذه الكارثة، وأن التغيير الديموغرافي انكشف للعالم، وأحد السفراء يقول إنه تسلم إحصائيات من الجهات الرسمية»، فأي اعتراف تحتاجه الدولة أكثر من ذلك، فمن زيارات علنية، وحتى بعد قرار وزير العدل حظر الاتصال المباشر بين السفارات والجمعيات السياسية، انتهك السفير الأمريكي هذا القرار وزار الوفاق علانية في مقرها.
اتصال السفارات الأجنبية بالوفاق لم يقتصر على السفارات الموجودة داخل البحرين، بل هناك دبلوماسيون في سفارات أجنبية في دول خليجية يدخلون لزيارة رسمية خاصة للوفاق، وها هو السكرتير الأول في سفارة النرويج بأبو ظبي يزور علي سلمان في 26 فبراير 2013، وها هو تقرير الزيارة منشور على الوسائل الإعلامية دولياً، حيث يقول «التقى الأمين العام لجمعية الوفاق بالسكرتير الأول هاكون سميدسفيج في مقر الوفاق، وتناول اللقاء توضيح التطورات السياسية والقضايا التي تهم الجانبين، وشرح علي سلمان حاجة البحرين الملحة للديمقراطية، وقـــدم شكـــره وتقديـــره للسيـــد سميدسفيج على الاهتمام بمملكة البحريـــن، والحـــرص علـــى تنميـــة العلاقات البحرينية النرويجية في كل المستويات»، كما تلاها بزيارة أخرى في 18 سبتمبر 2013، حيث التقى علي سلمان بالسكرتير الأول نفسه بهذه السفارة، وكما يقول التقرير «ناقش الطرفان المشهد السياسي العام والقضايا التي تهم الجانبين، وأكد الحرص على تنمية العلاقة بين الجانبين والحاجة إلى دعم مطالب الديمقراطية والعيش الكريم لشعب البحرين».
هذه الزيارات والعلاقات بين الوفاق والسفارات الأجنبية في البحرين وفي دول الخليج ليست سرية بل علانية، لكن مع الأسف لا يوجد تعليق من الجانب الرسمي ولا استنكار حتى من الجانب الشعبي، وكأن هذه اللقاءات والزيارات أصبحت طبيعية؛ بل هي زيارة رسمية عندما تلتزم الدولة الصمت، إذاً فالوفاق دولة داخل دولة مما يعطيها الحق في تبادل زيارات وعقــد اجتماعــات مــع دبلوماسيــي السفــارات الأجنبيــة فــي البحريــن وفـــي دول الخليـــج، دون أن يكـــون هناك موقف لا من الدولة ولا الدول الخليجية حين يتصل سفراء وموظفو هذه السفارات بمعارضة إرهابية تقود انقلاباً إيرانياً ضد الحكم في البحرين.
نعود إلى البداية ونقول إن طرد الدبلوماسيين ليــس بدعـــة عندمـــا يكون وجودهم في البحرين خطراً على استقرار الدولة وأمنها، فهم المحرك لهذه المؤامرة، والداعمون للإرهاب الذي تجاوز حدود الشوارع ودخل المناطق ووصل الرفاع وداخل المحرق، ولا ندري غداً وبعده إلى أين سيصل لأن السفير الأمريكي مصر إصراراً على أن ينجح في مهمته.