الرأي

تآكل الحدود بين أشكال العنف في سوريا

تآكل الحدود بين أشكال العنف في سوريا

من أعراض فشل نظام دمشق فقدان احتكاره للعنف، الذي مارسه عبر أدواته النظامية لمدة خمسين عاماً، مما أدى لفقدان احتكاره لإدارة الصراع. وقد أدت الفوضى في مسرح العمليات لتشظي العنف المسلح. وأدت نجاحات الثوار ضد جيشه المقيد برهاب الضبط والربط للاعتماد على مليشيات طائفية وأثنيه لتقاتل بمرونة الثوار وبنفس عقيدتهم القتالية. فبدأ تآكل الحدود بين أشكال العنف التي أخذت شكلين هما؛ جماعات الثوار ومعهم الجهاديين. إضافة إلى الشكل الثاني ويضم جماعات تدثرت بمسوغات إفشال المخطط الإمبريالي وحماية المراقد المقدسة.
تآكل الحدود بين أشكال العنف تجعل الإطالة والاسترسال بروية في رسم المكونات العددية للمشهد السوري ضرورة ملحة حتى لا تنفصل المقدمات عن النتائج. ففي مسرح العمليات السوري تضم جماعات الثورة الجيش السوري الحر 80 ألف مقاتل، إلى جانبه الجبهة الإسلامية السورية بـ 25 ألف مقاتل، وجبهة التحرير الإسلامية السورية بـ 40 ألف مقاتل، وألوية شهداء سوريا 18 ألفاً، وأفواج الفاروق 14 ألفاً، ولواء التوحيد 11 ألفاً، وحركة أحرار الشام الإسلامية 10 آلاف، وألوية صقور الشام 10 آلاف.
أما الجماعات الجهادية فتشمل جبهة النصرة التي تضم حوالي 12 ألفاً، إضافة إلى مقاتلين عرب وأمريكيين وبلجيكيين وبريطانيين وفرنسيين. ومقاتلين من باكستان من تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية وجماعة عسكر جنجوي، كما تضم مقاتلين من أوزبكستان وتركمانستان؛ بل ومن الصين والأرجنتين وإندونيسيا وسيراليون ليصل عددهم إلى أكثر من 60 ألف مجاهد أجنبي.
ورغم أن جيش الأسد هو ثالث أقوى جيش عربي بعد المصري والجزائري بعدد يبلغ 320 ألف رجل من دون الاحتياط البالغ عددهم 314 ألف جندي، إلا أنه رحب بمساندين له وصلوا لمعسكراته بعمليات كانت محاطة بسرية حتي وقت قريب، وتجاوز عددهم العشرة آلاف مقاتل ولا زالوا يصلون بوتيرة 50 مقاتلاً باليوم. وجلهم من إيران والعراق.
كما يقاتل لجانب الأسد مقاتلين من الخليج وباكستان وصلوا لأسباب طائفية لمؤازرة الأسد وحماية المراقد كفيلق القدس الإيراني الذي يسعى حثيثاً لتشكيل جيش الإمام الحسين، بالإضافة إلى كتائب حزب الله العراقي وعصائب أهل الحق وجيش المهدي والرساليون ومنظمة بدر وجند الإمام. كما تضم جبهة الأسد فصائل كردية علوية ذات ميول يسارية كالتي اشتبكت مؤخراً مع جبهة النصرة.
لقد سوق نظام الأسد ونجح في فرض تعميم تعسفي يربط بين العدد الكبير للثوار والجهاديين مع الإرهاب وساندته في ذلك جهات غربية عدة، فإدراج الجناح العسكري لحزب الله على قائمة الإرهاب الأوروبية لم يكن إلا قنبلة دخانية لتغطية إدراج حركة نصرة أهل الشام على قائمة الإرهاب ولإعطاء الموقف الغربي مظهر العدالة، فلو كانت النية واردة لتجريم حزب الله لتم ذلك بدوافع إسرائيلية منذ عقود.
ومن جهة أخرى آمن الأحرار السوريين أن مسار الثورة لإسقاط الأسد غير قابل للارتداد لكن بعض شوائب العمل الثوري التي نجح الأسد في تسويقها لا يمكن تجاهلها. وعليه لن نستغرب لو خلق الثوار أو النظام كفلتر ينقي المشهد السوري من شذاذ الآفاق عبر مجالس صحوات سورية تطردهم خارج الحدود.