الرأي

العفن الإرهابي والمجون الانقلابي

نبضات

يتداولون الأنخاب الرخيصة واحداً تلو الآخر، متمايلين طرباً وسكراً، نخباً لزعزعة أمن البحرين منذ فبراير 2011، وآخر لتلك الأرواح التي أزهقت دفاعاً عن الوطن، وآخر من أجل تفجير الرفاع وغيره.. يتداولون أنخابهم على موائد المجون الانقلابي لولاية الفقيه مستمتعين بدماء رجالات الأمن وأبطال الوطن، يسكبونها كأساً تلو الآخر في جماجم شهدائنا. فسحقاً لهم.. ما أبشعهم!!
لطالما تعاملت حكومتنا الرشيدة مع الأزمة بسياسة الصبر والهدوء، لم تلق بالاً قط لما قدمته من خسائر، كان همها الأكبر الحفاظ على مكونات المجتمع البحريني ولحمته، والنأي بالنسيج الوطني عن احتمالات التمزق التي تهدده ليل نهار، ولطيلة ثلاث سنوات عجاف مضت. وعليه.. كظمت الحكومة غيظها على تلك الأرواح التي نحسبها حلقت لجنة الخلد دفاعاً عن الوطن ومقدساته، بعد كلمات رنانة لا ينساها إلا ظالم «فداج يا البحرين»، وتغاضت عن الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها رغم عظمها، وضحت بجوانب عديدة من دبلوماسيتها لكي لا تشق الصف أو تصعد مجريات الأمور.
إن المشروع الانقلابي لولاية الفقيه -والذي تسلمت وكالته في البحرين جمعية الوفاق- فهم الرسالة خطأ، وترجمها ضعفاً في النظام القائم والإرادة الشعبية على السواء؛ فتعامل مع بعض قرارات أصدرتها جهات مسؤولة -أتت على استحياء وذهبت مهرولة حفاظاً على مكونات الوطن- وصرخات شعبية أطلقها تجمع الفاتح ومنابر الإعلام وغيرها، تعامل معها المشروع الوفاقي على أنها جعجعات وقتية تنقضي بانقضاء الموقف، ما دعا عملاء إيران لمزيد من التمادي ومنه تفجير الرفاع!! إلى هنا وكفى.. فالرفاع خط أحمر، ومقدساتنا الدينية وبيوت الله فوق كل اعتبار، وحذاري حذاري من التقدم خطوة؛ فوالله لن ترتوي من دمائكم أرض البحرين إن قربتم من ديوان جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه!!
إلى هنا.. آن الأوان لبلد الطهر والكرامة والإباء، أن ينفض أسمال الموت وغصات المرارة، ويزيل العفن الإرهابي المتمخض عن العنف المتصاعد والانفلات الأمني تحت مظلات سياسية متنوعة وحجج واهية.
إلى هنا.. وكفى.. فباعتقادي، أن الدولة قد تعلمت من دروس 2011 الكثير، وما رافقتها من تبعات حتى اللحظة، يقول إينشتاين: «عليك أن تتعلم قواعد اللعبة أولاً، ثم عليك أن تتعلم كيف تلعب أفضل من الآخرين»، وبعد مضي سنوات ثلاث فإن جميع أوراق اللعبة الوفاقية إيرانية المصدر قد انكشفت، ولم يعد هناك ما يستعصي على الدولة ولا على الشعب فهمه وتعلمه بعد الآن.
لقد جاءت توصيات المجلس الوطني تحقيقاً للإرادة الشعبية في الوقت المناسب؛ إذ أعقبت الجهود الجبارة من قبل الدولة، لاسيما وزارة الخارجية ونشاطها الكبير في تحسين صورة المملكة لدى المجتمع الدولي، أو بتعبير أدق «تصحيحها». فضلاً عن توطيد العلاقات الثنائية مع عدد من الدول والمنظمات الدولية، ما غير الموازين بتحول مواقف تلك الدول والمنظمات التي كانت تدعم وتساند الجماعات الإرهابية الوفاقية قبل وضوح الصورة واكتمالها.
أمر كهذا يوجب إلقاء التحية على معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، على تلك الجهود والمساعي الحثيثة لمنح البحرين فرصة كبرى للعبور من ذلك الإرهاب العفن بسلام، وتعزيز دبلوماسية البحرين، ناهيك عن الخطوات الأخيرة في طرح التوصيات وتقديمها للخارج. ولا ننسى جهود متكاتفة أخرى لمؤسسات حكومية مختلفة، فضلاً عن الجهود الفردية من أبناء المملكة المخلصين الذين عملوا على تقديمها بالصورة المناسبة وتوضيح مجريات الأمور في البحرين، عبر بث الرسائل في الداخل والخارج، وحضور عدد من المؤتمرات واللقاءات الخارجية.
أما الوفاق.. فلم يأن لها الأوان أن ترتدع إلا بفرض القانون الذي تخطاها كثيراً، حتى لم يعد بمقدور الإرادة الشعبية الانتظار أكثر، ومع ذلك.. مازالت تكابر!! الوفاق لا تمثل إلا نفسها، ويخطئ من يصورها بتمثيل طائفة، فالمخلصون للوطن من الطائفتين الكريمتين لطالما أبدوا امتعاضهم وغضبهم من صنيع الوفاق. ولكن ما صنعته لنفسها من هيمنة واهمة وأهمية تخيلية لدى الطائفة الشيعية، كان الجرم الأكبر الذي ارتكبته بحق نفسها حتى غرقت في غطرسة لا مخرج منها، حسب ما جاء على لسان معالي وزير الخارجية الموقر: «الوفاق» أخذتها العزة بالإثم. ولكن، مهما بلغت الوفاق في التيه ما بلغت، لابد أن يأخذ القانون مجراه، ولابد أن يكون القانون كما كان وأفضل؛ «فوق الجميع»، الجميع بما تحمله الكلمة من شمولية. وهو ما نتطلع إليه في وقت قريب جداً.
اللهم إننا في العشر الأواخر المباركة من رمضان.. اللهم بلغنا، واجعل هذا البلد آمناً.. رغم أنف.. رغم أنف.. رغم أنف.. كل من أراد بنا شراً.