الرأي

أحلام الشباب «الفيسبوكية» عندما تتحول إلى واقع عالمي

أحلام الشباب «الفيسبوكية» عندما تتحول إلى واقع عالمي

لم يكن يتخيل أن أحلامه البسيطة العابـــرة علـــى موقـــع الفيسبــوك الاجتماعي قد تتحقق يوماً وتتجاوز العتبــات التـــي توقفــــت عندهــــا طموحاته في إنشاء مجموعة اجتماعية إلكترونية. لاحظ إزاء أزمة البحرين المؤسفة وهو يتابع العديد من السيناريوهات النقاشية الشبابية على أدوات التواصل الاجتماعي أن هناك شرائح متعددة من الشباب تعاني من ضعف في أساليب الحوار والنقاش الهادف المبني على أسس وركائز، إلى جانب قلة الجرأة لديهم والثقة بالنفس، كما أدرك أن أساس ما يحتاجونه هو تطوير إمكانات الأمور القيادية لإدارة حملات التواصل والمناظرة مع الأطراف الأخرى.
بزغ نجمه -واسمه بالمناسبة- عبدالله عيد؛ كشاب ناشط في الأعمال التطوعية والشبابية، وظهر أكثر إزاء أحداث أزمة البحرين المؤسفة، حيث ارتفع رصيد عدد المشاركين في مجموعته الاجتماعيـة «الجـــروب» الناشطـــة جداً وقتها، والذي أسسها على موقع الفيسبوك واسمها رؤية البحرين «bahrainvision» حتى وصلوا اليوم إلــى 10230 عضــــواً بالمجموعة، وما نسبته 85% منهم فعالون، لذلك فالمشترك في هذه المجموعة يجد أن حسابه على الفيسبوك لا يهدأ، وكل نصف ساعة تقريباً يرسل إليه الموقع رسالـــة تفيد بوجود موضوع أو خبر جديد.
85% عضو فعال هو رقم لا يستهان به حتماً لمن يتابع المجموعات الاجتماعية والصفحات المتخصصة بالقضايا على الفيسبوك، والذي سحب البساط منه موقعا التويتر والأنستغرام ويفهم في طبيعتها وحراكها، واصـــل عبدالله جهـــوده ليضم إلى مجموعته مجموعات ناشطة تحمل نفس اسم مجموعته «رؤيــة البحريــن» علـــى برنامــج الواتس أب الهاتفي.
لعـــب موقعه دوراً كبيراً في تحفيز الشباب وتحريك صفوفهم نحو الدفاع عن البحرين، وتناقل الأخبار والمنشورات الداعمة لقضية أمن البحريــن والتـــي تكشـــف حقائـــق الأحداث، وقد كانت المجموعة تخدم أكثر بالطبع الأعضاء الخليجيين والعرب في هذا الشأن، وظهرت مع موجة مجموعته الناشطة موجة المجموعات الاجتماعية البحرينية المتخصصة، بعدها حتى أصبح هناك وبيــن عامـــي 2011-2012 العديد من المجموعات الداعمة لأمن البحريـن تكشـــف حقائـــق الأحداث على فيسبوك.
لم يتوقف نشاط الشاب عبدالله إلى هذا الحد؛ بل قفز بطموحه إلى أن يؤسس نادياً مختصاً بالمناظرة، وبين ليلة وضحاها بدأ بفكرة نادي المناظرة، وقد كان معظم المشاركين فيه أعضاء يعرفهم من الفيسبوك، ثم تبلورت فكرة النادي أكثر حتى وجد نفسه هو ومن معه من الشباب يطالبون بتأسيس نادٍ لتعليم فنون الخطابة، فأصبح الحلم حقيقة وأنشأ نادي توستماسترز البحرين العربي للمناظرة الذي يعتبر فرعاً لنادٍ عالمي، وهو يعد، بحسـب تصريح رئيس مجلس إدارته خالد القعود، النادي الأول المشهر رسمياً في العالم الذي يختص بهذا المجال ويكون باللغة العربية، والثالث على مستوى مملكة البحرين، ويضم في أعضائه مواطنين من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.
أحلام عبدالله الفيسبوكية أصبحت اليوم واقعاً له حراكه البارز على مستـــوى المملكـــة، وحتـــى علـــى المستوى العالمي، في طرح الورش التدريبية وبرامج تدريب المدربين باللغة العربية، حراك يخدم البحرين ويرفع اسمها، خصوصاً في المحافل الإقليمية والشبابية، ويعد أجيالاً قادرة على قيادة دفات النقاش والحوار المبني على أسس علمية مع الأطراف الأخرى، وبالأخص الأطراف التي تنشد تشويه سمعة البحرين خارجياً، وهو نموذج جميل وممتاز نقدمه للشباب مدركين أنه يتناسب مع طبيعتهم وثقافتهم التكنولوجية التي باتت اليوم تلتهم معظم ساعات يومهم، وكلنا أمل أن نشهد قريباً حراكاً مشابهاً في مجالات أخرى غير المناظرة يتحول من صفحة أو مجموعة فيسبوكية بسيطة إلى واحة إخبارية واجتماعية تكون سفيرة لإنجازات الوطن وتقدم بالأدلة وبالصور الحقائق التي يحاول البعض تظليلها دائماً على أدوات التواصل الاجتماعي.
- إحساس أخير..
نحمل الوطن في أحلامنا، ويحمل الوطن أحلامنا إلى ضفاف الواقع والإنجاز.