الرأي

وقفة في الزلزال

نقطة نظام

لن نتحدث هنا عن الاستعدادات والتدابير التي اتخذتها الدولة عند وقوع الكوارث خاصة بعد وقوع الهزة الأرضية مؤخراً، ولكننا سنقول إنه رغم كل التقدم والتكنولوجيا التي نعيشها لم يستطع أحد أن يتنبأ بوقوع هزة أرضية في المملكة.
قبل الدخول في تفاصيل هذا الموضوع، أود أن أذكر ورود بعض الاتصالات إلي من عدد من العاملين في وزارة الصحة يؤكدون أنه لا توجد خطة للكوارث لدى الوزارة!
أولاً نحمد الله على أن الهزة الأرضية كانت محدودة، وهذا من لطف الله بنا في البحرين أن يرسل الله لنا نذيراً لنراجع أنفسنا ونقف وقفة صادقة لنتحاسب ونرى جميعاً مدى اتباعنا لأوامر الله.. هذه الهزة جاءت لتقول لأهل البحرين الكثير، أولها أنه لا يعلم الغيب إلا الله، وأن الله يقول: «وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا».
في أول رد فعل رسمي على الهزة الأرضية، يجري حالياً تنظيم لعقد اجتماع على المستوى الخليجي لمواجهة تداعيات «بوشهر»، فدول الخليج ستكون أكبر متضرر في حالة حدوث أية كارثة بيئية من هذا المفاعل لا قدر الله.
ولكن السؤال: من منا في البحرين كان يتوقع حدوث هزة أرضية؟ الجواب لا أحد –في اعتقادي– الكل منا كان يسير في حياته كالآلة، دون مراجعة ومحاسبة للنفس، ودون وقفة تأمل في العلاقة مع الله، فعلاً لماذا نشعر بكل هذا الأمن من مكر الله؟
وبعيداً عن علم الجيولوجيا والزلازل، يعلم المسلمون أن هذه الآيات ما يرسلها الله إلا إنذاراً للمؤمنين ليراجعوا أنفسهم ويكفوا عما هم فيه من ذنوب ومعاص، ويعودوا إلى الله مرة أخرى.. نعم لا تكونوا من الخاسرين.. يقول الله تعالى: «أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون».
إن الله لا يصلح قوماً حتى يصلحوا قلوبهم، ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإن التفكر والتدبر من صفات المؤمنين، وإن الهروب من آيات الله والارتكان إلى الظواهر الطبيعية إنما هو من عمى البصيرة.
أعجبني رأي الدكتور محمد مهدي في موضوع علاقة الدين بالزلازل، حيث يؤكد أن هناك التصاقاً كبيراً بينهم، وأن الجمع بين الرؤيتين ممكنة، وأنه بهذا الجمع يمكن تفسير الظاهرة على أنها ظاهرة علمية لها علاقة بالسلوك البشري، ويرد على التساؤل: أهو ظاهرة طبيعية من اختصاص أئمة المساجد ووعاظ الكنائس وكهنة المعابد؟ ويقول إننا نحتاج إلى تصحيح لهذا الخلل الفكري من خلال قراءة ظاهرة الزلازل في بعديها المادي والروحي. فعلى المستوى الروحي أو الديني نحتاج للتوقف كثيراً أمام أخطائنا وذنوبنا التي تزداد يوماً بعد يوم حتى لتكاد تلوث الأرض وما يحيط بها.
ويضرب مثالاً على ارتباط البعد المادي بالبعد الروحي قائلاً: «إنه إذا تصورنا أن أسرة تعيش في شقة وأنهم جميعاً يعبثون بمبانيها وأثاثها، ويتركون بقاياهم في أركانها ويتركون مواسير المياه والصرف الصحي بلا إصلاح ويرتكبون كل الموبقات التي تلوث وعيهم وضمائرهم وتشعل العداوة والبغضاء بينهم، فماذا يكون حال هذه الشقة التي يسكنونها بعد عدة سنوات؟ هذا بالضبط هو حالة الأرض مع انتشار المظالم والمفاسد».