الرأي

الميزانية العامة للدولة

الميزانية العامة للدولة

وافق مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، في جلسة يوم الأحد بتاريخ 23 أكتوبر 2012 على مشروع قانون باعتماد الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين (2013 ــ 2014) التي قدرت الإيرادات فيها بمبلغ (5.57) مليار دينار بحريني والمصروفات (6.99) مليار دينار بحريني. وتأتي هذه الميزانية من أجل تحقيق مجموعة من المتطلبات المجتمعية لمواطني مملكة البحرين، ومنها تحسين نظام خدمات الإسكان، إيجاد فرص عمل جديدة والتخلص من البطالة شيئاً فشيئاً، الاستثمار في برامج الأمن الغذائي، دعم القطاعات المحفزة للأمن الاقتصادي، وغيرها. والتأكيد على حرص الدولة على الأداء الجيد للميزانية من خلال تنفيذ بنود الصرف والإنفاق بما يضمن تحقيق الأهداف العامة التي وضعت من أجلها الميزانية، مع مراعاة الأولويات للخدمات الأساسية للمواطنين من صحة وتعليم وإسكان وخدمات ومرافق عامة أخرى، وتكريس مبدأ الشفافية والمساءلة والرقابة وضبط المصروفات وترشيدها للحفاظ على المال العام.
والميزانية العامة هي عبارة عن بيان تفصيلي يُبين تقديرات لإيرادات الدولة ومصروفاتها العامة للدولة في صورة وحدات نقدية لفترة زمنية معينة، وتعكس الميزانية خطة الدولة المالية لسنة مالية مُقبلة أو اثنتين، ويتم اعتماد الميزانية في مملكة البحرين كمشروع من قبل مجلس الوزراء ويرفع إلى السلطة التشريعية في الدولة وتصدر بقانون. وهي بالتالي عبارة عن تقديرات مالية وليست فعلية، إذ قد تحتاج الدولة أثناء السنة التي وضعت لها الميزانية مصاريف أخرى قد تكون (مصاريف جارية ومتكررة) أو مصاريف (اضطرارية) أو مصاريف أخرى تم استحداثها في وقتها، وهنا يتطلب فتح اعتماد مالي لمواجهة أية مصاريف غير موجودة في قائمة الميزانية العامة المعتمدة من قبل الدولة.
وتمر الميزانية حتى تكون جاهزة للتنفيذ بأربع مراحل أساسية، وهي؛ مرحلة إعداد الميزانية، اعتماد الميزانية، تنفيذ الميزانية ومرحلة متابعة الميزانية أو مراقبة تنفيذها. ويتم تقسيم الميزانية إلى قسمين أساسيين هُما الإيرادات والنفقات، وكل قسم منهما مُقسم إلى فصول، وكل فصل إلى أبواب، وكل باب إلى مواد ثم بنود.
ويستوجب عند تنفيذ الميزانية العامة للدولة التركيز على تنفيذ المشاريع التي شملتها الميزانية، وعلى الجهات المعنية بالمراقبة التأكد من أن الصرف المالي تم في حدود الاعتماد المدرج في الميزانية وفي الأغراض المخصصة لها، الصرف تمت بصورة سليمة وقانونية. ويأتي ذلك من أجل تلافي أوجه القصور في الميزانية وبالتالي التعثر في الصرف على المشروعات، ومن أجل تحقيق الأهداف المخططة للميزانية. وتغطي الإيرادات النفطية النسبة الأكبر من ميزانية البحرين المالية، وهذه الإيرادات مُقدرة بحسب أسعار النفط في السوق العالمي التي تتراوح بين الارتفاع والانخفاض بحسب حالة الطلب على النفط في السوق العالمي. وفي حالة حدوث أي نقص في ميزانية الدولة (العجز) لأي سبب كان يستوجب على الدولة إضافة اعتماد مالي إضافي يُلحق بالاعتماد المالي الأصلي في الميزانية المعتمدة. ولا يجوز تخصيص إيرادات معينة لمقابلة مصروفات معينة لأن ذلك قد يفقد الميزانية العامة مرونتها، وقد يؤدي أيضاً إلى الإسراف في حالة إذا كان حجم الإيراد المخصص للمصروف كبيراً، أو أنه قد يخل بأداء الخدمة المعنية إذا كان حجم الإيراد المخصص للمصروفات يقل عن المصروفات اللازمة لأداء تلك الخدمة. ولكن من الممكن أن يتم تخصيص بعض الإيرادات المالية لمؤسسة معينة من أجل تحسين هذه المؤسسة وتطويرها.
ومن شروط إعداد الميزانية العامة أن تكون للدولة ميزانية عامة واحدة تحتوي على كافة نفقاتها وإيراداتها، وأن تكون واضحة المعالم، ولا يتم إدراج اعتمادات مُجملة بل اعتمادات مالية مفصلة ومبوبة، وأن تتميز بسهولة التنفيذ وقادرة على مواجهة مختلف الاحتمالات الطارئة أثناء السنة المالية، وبإمكانية نقل اعتمادات مالية من باب إلى باب آخر في ذات الجهة. وتقضي قاعدة إعداد الميزانية العامة تحقيق التوازن الرقمي بين مصروفات الميزانية وإيراداتها (تساوي الجانبين) ويستثنى ذلك في حالة زيادة المصروفات على الإيرادات، كما هي في حالة ميزانية البحرين العامة والتي قدر العجز المتوقع بها بحوالي (662) مليون دينار بحريني للسنة المالية 2013 و(753) مليون دينار بحريني للسنة المالية 2014. وقد أصبح وجود العجز في ميزانية الكثير من الدول أمراً شائعاً، حيث تتم معالجته بشتى الطرق المالية وبحسب قدرة كل دولة.
في النهاية تبقى الميزانية وثيقة تقديرية تمتاز بعدم اليقين، ويتخذ المسؤولون قراراتهم لتنفيذ المشاريع اعتماداً على معطيات الميزانية التقديرية التي تسمح بالإنفاق على تلك المشاريع. وتكمن أهمية مراقبة تنفيذ الميزانية على معرفة قدرة أدائها وما تم تحقيقه من البرامج والمشاريع بما هو مُقدر لها مالياً. لذا فإن الميزانية العامة هي مسؤولية السلطة التنفيذية التي يقع على عاتقها مسؤولية تحقيق أهداف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية.