الرأي

«العجم» و«المنامة».. إلى سيـــادة القانــون

نبضات

الإرهاب الذي تمارسه جمعية الوفاق وأدواتها لا يعدو على كونه ضرباً من مشاغبة استلزمت التهذيب، فالوفاق ابن مشاكس مدلل، عاش حياة الصفوة البراغماتية صعوداً على أكتاف الكادحين والبسطاء. فإذا ما حقق المكاسب سيجمع الغنائم وحده ولن يطال أدواته القشور ولا حتى العظام، أما إن خسر القضية فلا ضير، القضية لم تعد تمثل الوفاق وحدها بعد أن طُؤفنت على يد الأخيرة تحسباً لذلك اليوم، أما الأداة فكانت إشعال حرب باردة من جهة، وإشعال فتيل حرب الإرهاب في المملكة من جهة ثانية باستغلال ضعف بعض النفوس وصغر العقول، والتمادي في التيه والغطرسة. ومتى ما طُلب الوفاق للعدالة عاد إلى برجه العاجي كأفعى مجلجلة استشعرت الخطر، وألقى كل أسلحته موجهاً أصابع الاتهام العشرين لأدواته، لضمان الخروج منها ببراءة الذئب من دم يوسف، حملاً وديعاً لا شأن له بضواري الشوارع.
عندما يدين مأتم العجم ونادي المنامة الوفاق تحت مسمى أعمال الشغب والتخريب، فإنه يعني أن الجسم الشيعي تفتت، وأن القضية التي تديرها الوفاق باسم شيعة البحرين باطلة، وأنها لم تعد تمثل جمهورها البتة. ما حمله بيان المأتم والنادي من استنكار للأعمال الإرهابية في البحرين حمل شعاراً ضمنياً مفاده “الوفاق لا تمثلني”، يليه “أن استراتيجيتها في المطالبة بما تدّعيه حقوقاً لا أقبل أن يُنسب إليّ يوماً، راق لي أم لم يرق”.
المسألة هنا ترتبط بحسابات الظهور، والصور الذهنية اليومية والأسبوعية المتكررة التي تقدمها الوفاق باتت أكبر من أن يرتضيها منسوبو المأتم والنادي لأنفسهم، حتى وإن كانت هناك حقوق للمطالبة، فالوفاق أخطأت وتمادت كثيراً في أسلوبها، وقد خرجت أجنداتها من حدود طلبة الحقوق السُعاة لاستعادتها. الوفاق لم تعد تمثل قضية ما، ولكنها استهوت لعبة الإرهاب ووجدت في عروض القرود الحية تدريبات ميدانية قد تستثمرها للمستقبل، كما وجدت فيها متعة بالغة، ولا تسألوها عن المتعة فهي صانعها ومرتادها.!!
بيان مأتم العجم ونادي المنامة مؤشر قوي على أن المعارضة في البحرين لم تعد متماسكة كما كنا نعتقد، وأن التفتت في أطراف الجسم كفيل بتدميره يوماً، لاسيما مع سلك بعض الفئات وممثليها لطرق غير تلك التي عُبدت لهم على أرض الواقع الافتراضي بغية تحقيقها ميدانياً ضمن مشروعهم المستقبلي الكبير. هذه الخطوة تخرج السابقين من ملّة كبار قادة “الفوضى” ومحرضيها، وتؤكد بشكل قاطع أكذوبة “ولاية الفقيه” والانصياع لها، ما يعزز القول بعدم استساغة الفكرة من مبدئها لدى الرأي العام نزولاً عند بعض المؤسسات الدينية ودور العبادة كمأتم العجم وغيره، والتي تتبرأ علانيةً من الشيخ عيسى قاسم المحرض الأكبر باسم الدين. ويأتي ضمن هذا أيضاً، إقرار ضمني بضرورة فصل الدين عن السياسة.
من جانب آخر؛ يقدم البيان مؤشراً ثانياً للتماسك الفكري والوطني لدى أبناء المجتمع البحريني من الطائفتين، واتفاقهما الأزلي على ضرورة الأمن والسلام على أرض وطن مُسرِح بالإرهاب لشهور طويلة. يقول هذا البيان بين السطور: “نحن شعب مخلص للوطن، نأبى تدميره وإثارة الفوضى فيه، وترويع الآمنين من المواطنين والمقيمين. نمقت استهداف العمالة الأجنبية، ونؤكد على ضرورة العيش السلمي على أرض وطن كان وسيظل للجميع”. فإن (البقاء للأقوى) قاعدة لا تنتصر كثيراً، أمام قاعدة أخرى تقول (البقاء للأحق)، ولابد أن يظهر الحق يوماً. وإن ظن الوفاقيون بتجاوز قوتهم لمقدرات الحكومة فهم في ضلالهم يعمهون، ولكنه التراخي الأمني الذي جعلهم يظنون ما يظنون.
جاء البيان مطالباً بتطبيق القانون مشتملاً إشارة مغلفة لقرب انقضاء عهد الرضوخ والتساهل والتراخي، وأن كل من كان لديه رأي لا يشاكل رأي الإرهابيين عليه لزاماً أن يبرئ نفسه عاجلاً قبل أن يأتي طوفان العدالة فيجرف بلاط الوفاق ومن عليه، ظالماً كان أو مظلوماً. وعلى الوفاق أن تثق بتبرؤ الشارع الشيعي منها وانصرافه منشقاً عن لا قيمها ولا مبادئها وممارساتها غير المشروعة -عاجلاً أم آجلاً- وحينها لن تجد لها من الداعمين ولا الأتباع شفيعاً، ولن يصل لأسماع القائمين على الحق لومة لائم.
قد بلغ تغطرس الوفاق أوجّه، وجرفها غرورها لدرب الغواية، ما يستوجب وضع حد حاسم للعبة وفاقية طائشة، إما بأن تصغي للنصيحة وإما أن تترقب تدخلاً قانونياً صارماً وجاداً.
^ اضبطوا نبضكم..
الضرورة مُلحّة لاتخاذ إجراء عادل قاطع في إرهابيي الوطن؛ دحضاً لآراء متصاعدة حول تعامل القضاء وتراخي ممثليه. والتشكيك في نزاهة الميزان أمر خطير؛ لكونه عضواً محورياً في جسم الدولة والنظام القائم.. وقد أسمعت لو ناديت حيّاً.