الرأي

في الذكرى الثانية لـ 25 يناير.. هل وقفت الثورة في منتصف الطريق؟

في الذكرى الثانية لـ 25 يناير.. هل وقفت الثورة في منتصف الطريق؟

الخامس والعشرون من يناير، هو يوم خالد في تاريخ الشعب المصري والعرب جميعاً، هو اليوم الذي انطلقت فيه قبل عامين ثورة 25 يناير، تلك الثورة الشعبية العارمة التي انبثقت بشكل عفوي من ضمائر المصريين، ومن معاناتهم وجوعهم وفقرهم، وشعورهم بالظلم والاستبداد والقهر السياسي، ذاك القهر الذي تجاوز معاناة المصريين وإرادتهم وكان يسعى لتوريث الحكم، ذلك القهر الذي بلغ إلى درجة التفريط بكل حقوق مصر والمصريين للمستثمرين الأجانب، وللقوى الغربية المهيمنة وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وذاك التفريط الذي بلغ أدنى درجات المهانة، ببيع الغاز المصري لإسرائيل بسعر بخس، والانصياع لرغبة إسرائيل، وحصار قطاع غزة، وإغلاق معبر رفح، والوقوف دائماً ضد وحدة الصف العربي، وإطباق الحصار على العراق خلال سنوات الحصار، ثم فتح قناة السويس لضربه واحتلاله، وتحويل مصر إلى ملحق إضافي لبعض الدول والكيانات القطرية الهشة.
كان نظام مبارك قد بلغ مرحلة من الفساد لم يبلغها نظام من قبله، لا في مصر ولا في العالم العربي، ازدادت البطالة والفقر، ازداد عدد المهاجرين من مصر، والباحثين عن عمل خارجها، ازداد عدد سكان المقابر، تدنت الزراعة إلى أدنى مستوياتها، تراجعت مصر في التعليم والتعليم الجامعي، وفي كل مقومات الدولة، ظهرت الجريمة المنظمة، وكثرت حوادث القطارات والطائرات والسفن، والعمارات وتخريب وبيع الأراضي الزراعية، نتيجة الفساد الذي انتشر، وعم وفتك بالعباد والبلاد.
ونمت وترعرعت الشركات الفاسدة والمتعددة الجنسيات، وكبار تجار الخراب، وبلغت الرشى مبلغاً لا مثيل له من قبل، وصار يتم تهريب الأموال، وازدادت المديونية، وتراجعت مصر من دورها الطليعي في النهضة، إلى انتظار المعونات والمساعدات سواء الأمريكية الهزيلة، أو حتى العربية المدفوعة لفئات محددة.
لكن ثورة 25يناير لم تكن فقط ضد الفساد والظلم، بل كانت ثورة كرامة حقيقية، سعت إلى طرد العملاء من أرض مصر، وفك التبعية مع واشنطن، والانحناء الكامل لإسرائيل، والعودة إلى ريادة الصف العربي.
وانتصرت الثورة، ونحن اليوم نستذكر وقائع الأحداث ساعة بساعة، ندرك أن الثورة لم تحقق كامل أهدافها، صحيح أنها نجحت في إحداث التغيير وطرد الرئيس السابق ونظامه، لكن ما تبقى أكبر بكثير.
هل تم التآمرعلى الثورة؟ من الواضح أن أطرافاً داخلية وخارجية، سعت إلى تثبيط الثورة، وتحويلها عن مسارها، وإعطائها شكلاً ديمقراطياً كاريكاتورياً، فزجت قوى خارجية بمال كثير، وضخت قوى عربية بأموال أكثر، من أجل تخريب مسار الثورة، وتحولت من ثورة حرية وكرامة، إلى ثورة دستور ونظام انتخابي، وانقسام في الشارع المصري بين التنويريين والسلفيين، واستطاع الإخوان أن يلعبوا الورقة السياسية، التي غلَّبت مصلحة الجماعة، على مصلحة الوطن والبلد، واستغلوا تنظيمهم وكثرة أتباعهم، ودفعوا باتجاه السيطرة على مجلس الشعب، ثم الشورى، ثم الرئاسة، واستغلوا ذلك وبدأوا يعدلون الدستور وفق رغبتهم.
من هنا نقول؛ إن الإخوان ومع احترامنا لهم، قبلوا بلعب دور مبارك القديم، وكأنهم يخططون مرحلياً للقبول بالأمر الواقع ثم تخطيه، ولكنه يتناسون أن الرضوخ للأمر الأمريكي ليس سهلاً، فسوف يتم حصارهم اقتصادياً كما رضخوا لصندوق النقد الدولي مؤخراً. نقول ذلك على محمل حسن النية، دون أن نسقط احتمالاً آخر.
لن ندخل في التحليلات والتفاصيل الكثيرة، لكننا ونحن نستذكر ثورة 25يناير نشعر بالأسى والخيبة، فقد كانت فرصة لتغيير العالم العربي كله، وتحويل مسار التاريخ، وهذا يعني أن الثورة وقفت في منتصف الطريق، ولن تنجز أهدافها كاملة دون السعي للوصول إلى نهاية الحلم. الذي نأمل أن يتحقق، وأن لا يكون الهدف من كل ما جرى تسليم الأخوان، حكم البلد، وتمرير السياسة الامريكية، والحفاظ على كامب ديفيد، ومصلحة إسرائيل. ومصادرة الحلم قبل أوانه.