الرأي

هل تنتظر إيران رئيســـاً أكثــــــر تطـــرفـــاً؟!

هل تنتظر إيران رئيســـاً أكثــــــر تطـــرفـــاً؟!

«من قال إنها السنة الأخيرة من تواجد هذه الدولة في الحكم؟».. سؤالاً وجهه الرئيس نجاد رداً على صحافي إيراني في برنامج تلفزيوني، حيث توجه الصحفي للرئيس وقال؛ بما أنه بقي أمام تواجد دولة الرئيس نجاد عاماً واحداً في السلطة، هل ينوي الرئيس كما سبق ووعد الناس كشف لائحة المفسدين ومن سرقوا أموالاً طائلة وعبثوا بشؤون البلاد ومازالوا في سدة الحكم وفي السلطات المختلفة؟
من خلال إجابة نجاد للإعلامي الإيراني؛ يبدو أن الرئيس والكتلة التي تحيط به لا يريدون الابتعاد عن السلطة ويبحثون عن مرشح يمثل هذه الكتلة حتى يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع إجراؤها في 14 يونيو من العام المقبل، ومن المتوقع جداً أن اسفنديار رحيم مشائي سيكون المرشح المقرب من نجاد والذي يعول عليه الكثير ممن يدعمون نجاد وتوجهاته السياسية.
سبق هذا الحدث انتشار عدة مقالات في مواقع إخبارية محسوبة على الرئيس نجاد، حيث كانت تحتوي على السب والشتم وإلقاء الاتهامات بحق من تم تسميتهم بـ»خوارج الزمان» و»الخبثاء» و»الخونة»، حيث كان كتاب هذه المقالات يهدفون للنيل من كتلة سياسية عقائدية أخرى برئاسة وإدارة رجل الدين المتشدد آية الله محمد تقي مصباح يزدي.
تزامناً مع هذا الأحداث يعمل (الإصلاحيون) على تكثيف جهودهم وترشيح عدد أشخاص، حتى يستطيع أحد مرشحي التيار الإصلاحي المرور بسلامة من مصفاة مجلس صيانة الدستور الذي يخضع لسلطة المرشد، والسماح لأحد مرشحين التيار (الإصلاحي- المنتقد) بالحضور في الانتخابات وخوض المعركة الانتخابية المقبلة، ويبدو أن هناك إصراراً شبه مؤكد من قبل التيار (الإصلاحي) على ترشيح محمد خاتمي، الرئيس السابق، مرة أخرى، كذلك ترشيح عبدالله نوري وزير الداخلية في عهد رفسنجاني وخاتمي، كما إن هناك عدداً آخر من السياسيين في التيار (الإصلاحي) يعمدون الحضور في الانتخابات من خلال ترشحهم بغية الإمساك بعنان السلطة وتغيير بوصلة طهران فيما يتعلق بالسياسة الدولية وانتزاع إدارة الأمور السياسية من يد ضباط الحرس الثوري.
في خارج تلك المظلتين يعمل هاشمي رفسنجاني على ترشح نفسه مرة أخرى، ويمكن في هذا المسار تفسير رجوع أحد أبنائه «مهدي هاشمي» الذي كان قد لجأ إلى أوروبا بغية التخلص من الخضوع لمحاكمته بتهمة التلاعب بالاقتصاد وتهم أخرى وجهت له من قبل مؤسسات وأناس في داخل السلطة وخارجها. يقول أحد ضباط الحرس الثوري إن رجوع مهدي هاشمي إلى البلاد بعد سنوات من الإقامة في الخارج سيسمح لهاشمي رفسنجاني (الأب) ومن خلال علاقاته الخاصة أن يغلق ملف ابنه عبر محاكمة صورية، ومن ثم تبرئته، ما يمكّنه من تمهيد الطريق لترشيح نفسه مرة أخرى.
لكن تفاجأ رفسنجاني بضربتين جديدتين؛ الأولى حين تم إلقاء القبض على ابنته «فائزة» على خلفية اتهامات سياسية، أما الثانية مطالبة عدد من نواب البرلمان، يتقدمهم علي لاريجاني، بوضع قانون خاص يحدد الحد الأعلى لعمر مرشحي الرئاسة بـ75 عاماً، حيث سيدخل رفسنجاني الـ80 عاماً خلال الأشهر القليلة القادمة.
في السياق نفسه تم إغلاق العشرات من المواقع والمدونات المحسوبة على الرئيس نجاد، والتي كان يديرها عدد من الموظفين في السلطة التنفيذية، مما يشير إلى بداية قلع جذور نجاد وكتلته، لكن صحيفة «إيران» الحكومية فاجأت الجمهور حيث نشرت تقريراً قبل أيام يفيد أنه بعد تحقيق ميداني واستطلاع رأي تم إجرائه في طهران العاصمة، ومن خلال أسئلة توجه بها أصحاب ذلك التحقيق حول ما إذا تم التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة، من يختار المواطن ما بين اسفنديار رحيم مشائي، رئيس مكتب نجاد، والرئيس السابق محمد خاتمي، فجاءت الإجابة أن %35.53 سوف يصوتون لمشائي و%20.97 سوف يدعمون خاتمي في الانتخابات القادمة.
بما أنه لا يمكن الوثوق بتقارير صحفية تصدر من صحيفة تابعة لسلطة نجاد، لكن يبقى للقارئ والمتابع للشأن الإيراني التأكد بأنه سوف يتم فرض مرشح من المقربين لنجاد، ولا أعتقد أنه سيكون اسفنديار رحيم مشائي، إذ إن هناك عتبات سياسية وعقائدية كبيرة قد تمنع الرجل من دخول ساحة الانتخابات، وكما يبدو فإن محمد خاتمي أو عبدالله نوري سوف يتم ترشيحهم من قبل التيار (الإصلاحي). أما هاشمي رفسنجاني فرغم المخالفة الصريحة المعلنة من قبل البرلمانيين حول ترشحه؛ لكن لاتزال التكهنات بخوضه الانتخابات غير واضحة خصوصاً في الأشهر المقبلة، حيث سيتم تصفية حسابات بينه وبين مكتب المرشد علي خامنئي، وكذلك ملف ابنيه فائزة ومهدي.
وهناك أيضاً عدة أفراد محسوبين على التيار اليميني التقليدي، كذلك مرشحون آخرون مدعومون من قبل المرشد كمحسن رضائي، قائد الحرس الثوري الأسبق، وعلي أكبر ولايتي، وزير الخارجية الأسبق، ومحمد باقر قالي باف، قائد الشرطة سابقاً وعمدة طهران الحالي وغيرهم.
أما النسبة للتوقعات بالفوز في الانتخابات؛ فالتكهنات الآن غير واردة، ومازال الشارع الإيراني يشكك بإجراء انتخابات نزيهة، لهذا يتخوف المرء من مجيء ظاهرة أخرى على سدة الحكم في البلاد قد تكون متطرفة أكثر مما جاء به نجاد.