غياب الاستراتيجيات الكبرى!
غياب الاستراتيجيات الكبرى!
الأحد 15 / 07 / 2012
في دول كثيرة من العالم المتقدم يعكف الساسة وصناع القرار السياسي بين فترة وأخرى على وضع الاستراتيجيات الكبرى والسياسات العامة لدولهم؛ لتكون بمثابة خارطة طريق ومرشداً لهم في تسيير شؤون بلدانهم في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها حاضراً ومستقبلاً. ولا يخلد هؤلاء الساسة إلى النوم بعد وضع تلك السياسات والاستراتيجيات، إذ إنهم يقومون بعد فترة من الزمن بمراجعتها وذلك بقصد إعادة النظر في بعض جوانبها أو في مجملها من أجل أن تكون مواكبة للمتغيرات والمستجدات التي تطرأ في الساحة المحلية والإقليمية والدولية.
وفي البحرين، تثار في هذا السياق العديد من الأسئلة المهمة حول هذا الموضوع؛ فهل نحن نفعل مثل تلك الدول التي قطعت شوطاً بعيداً على طريق وضع مثل تلك السياسات والإستراتيجيات الكبرى؟ أم أننا لا نزال بعيدين كل البعد عن استخدام مثل هذه المنهجية أو هذه الآلية في مواجهة القضايا والمشكلات التي تلم بنا؟ وهل يعمل السياسيون لدينا وفقاً لهذه المنهجية؟ وإذا عملوا بها، فهل يقومون بتطبيقها؟ وهل قاموا بمراجعتها بعد فترة من الزمن؟ إذا كانت الإجابة عن هذه الأسئلة بالإيجاب، فإن الأسئلة الكبرى التي تطرح نفسها في المشهد المحلي هي؛ لماذا لا نلمس أثراً لهذه الاستراتيجيات في حياتنا؟ ولماذا نفاجأ في كل مرة بظهور مشكلة أو أزمة تصل إلى حد الكارثة؟
الحقيقة أننا لو تقصينا البحث في أسباب هذه الأزمات لاكتشفنا بسهولة أن أحد لأسباب الرئيسة التي أدت إلى وقوعها هو غياب السياسات العامة، وعدم وضوح الاستراتيجيات الكبرى التي تستشرف المستقبل وتضع الحلول لمواجهتها، والأمثلة لدينا كثيرة ومتنوعة وفي شتى أنواع المجالات التي تثبت بالفعل أننا نفتقد مثل هذه الاستراتيجيات والسياسات العامة.
إن القراءة الدقيقة والواعية للمشهد المحلي تكشف لنا أننا كنا ـ ولا نزال ـ نتعاطى مع القضايا والمشكلات بمنهجية الفعل ورد الفعل.خذ مثلاً: (كارثة) 2011 فهي خير شاهد على أننا بالفعل نسير على هذا النهج. فقد كانت أحداث فبراير بمثابة الصاعقة التي نزلت على رؤوسنا جميعاً وفاجأتنا لدرجة أنها أفقدتنا الحركة في البداية على اتخاذ القرار المناسب لمواجهتها ولولا لطف الله بنا ثم يقظة المملكة العربية السعودية ومن خلفها بعض دول مجلس التعاون وتحركها في الوقت المناسب، وحسابات إيران الإقليمية والدولية وإدراك ساستها وحيطتهم من الوقوع في الفخ الذي نصب لهم لكنا اليوم في خبر كان.
لقد اكتشفنا من خلال هذه الأزمة الكثير من الأمور السياسية والحقوقية والإعلامية والأمنية التي كانت غائبة عن بعض المسؤولين في بلادنا، فعلى الصعيد السياسي، لم يدر بخلد بعض الساسة أن المؤامرة على البحرين قد تم نسج خيوطها قبل فترة من الزمن، وأن ثورات ما يسمى بالربيع العربي قد دفعت باتجاه تنفيذ هذه المؤامرة وتقديم لحظة ميلادها.
كما إن نقطة الانطلاق نحو السيطرة على المنطقة بأسرها تبدأ من البحرين ومن خلال بوابتها سيتم الدخول إلى بقية دول الخليج العربية وإن الذي يؤكد لنا على أن تنفيذ المؤامرة سوف تنطلق من البحرين هو عدة عوامل أبرزها العامل السكاني وبالتحديد العنصر الطائفي الذي أعطى أصحاب المؤامرة اللعب على وتره بسهولة.. إن وجود نسبة من الطائفة الشيعية الكريمة في البحرين ساعد كثيراً في تحريك مجموعات منها ليكونوا الوقود لإشعال نار الفتنة أو ما يسمى “بالثورة” حسب تعبيرهم والتي يأملون امتدادها إلى بقية أقطار الخليج حسب الخطة المرسومة، فتحرك بعض المجموعات الشيعية في بعض دول الخليج في هذا الوقت بالذات ليس له إلا تفسير واحد وهو أن المخطط يشمل كل دول المنطقة وإذا كان هناك من يشكك في كلامنا، فإننا ندعوه أن يعطينا تفسيراً لما يحدث في كل من القطيف والعوامية بالمملكة العربية السعودية وفي الكويت وتزامن تلك الأحداث مع ما جرى ويجري في اللحظة الراهنة في البحرين.
أما على الصعيد الإعلامي، فلا داعي أن نكرر ما قلناه في مقالات سابقة ولكن لا ضير من التذكير بأن الأزمة قد أيقظت الإحساس لدينا بأنه لا يوجد لدينا استراتيجية إعلامية واضحة قادرة على مخاطبة الآخر، فإعلامنا متفرغ للداخل وليته نجح في هذا المجال أيضاً إذ إن أدواته وأساليبه لم ترتقِ إلى مستوى الحدث فكان إعلاماً ضعيفاً وآسف أن أقول هذا الكلام ولكن هذا هو الواقع الذي لا بد أن نقوله حتى ولو كان قاسياً فهذا من شدة حرصنا على أن يكون إعلامنا قوياً ورصيناً خصوصاً في هذه الظروف الراهنة التي يلعب فيها الإعلام دوراً حيوياً في صنع الأحداث وأنا -وأعوذ بالله من كلمة أنا- لست الوحيد من الكتاب الذي يعتب على الإعلام في هذا الشأن، بل إن وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب تؤيد ما نذهب إليه وقد نوهت في مقابلتها الأخيرة مع قناة روسيا اليوم عبر برنامج “حديث اليوم” إلى ذلك حين أشارت في هذا السياق إلى القول: “أن البحرين اكتشفت فجأة أثناء الأحداث، أن هناك إعلاماً خارجياً ممنهجاً ومنظماً للقيام بدور قوي في تشويه صورة البحرين والإساءة للبحرين، وإدخال البحرين في معترك خطير، بينما الدولة لم تكن تملك إعلاماً للمواجهة”.
أظن أنه بعد هذه الأزمة وتداعياتها، فإن البحرين بحاجة ماسة إلى إدراك أهمية وضع الاستراتيجيات الكبرى والسياسات العامة التي تحدد فيها الأولويات المقبلة وتتضمن أهدافاً جديدة تنسجم أولا مع معطيات المرحلة الجديدة وثانياً تستجيب لمتطلبات المستقبل.
وفي البحرين، تثار في هذا السياق العديد من الأسئلة المهمة حول هذا الموضوع؛ فهل نحن نفعل مثل تلك الدول التي قطعت شوطاً بعيداً على طريق وضع مثل تلك السياسات والإستراتيجيات الكبرى؟ أم أننا لا نزال بعيدين كل البعد عن استخدام مثل هذه المنهجية أو هذه الآلية في مواجهة القضايا والمشكلات التي تلم بنا؟ وهل يعمل السياسيون لدينا وفقاً لهذه المنهجية؟ وإذا عملوا بها، فهل يقومون بتطبيقها؟ وهل قاموا بمراجعتها بعد فترة من الزمن؟ إذا كانت الإجابة عن هذه الأسئلة بالإيجاب، فإن الأسئلة الكبرى التي تطرح نفسها في المشهد المحلي هي؛ لماذا لا نلمس أثراً لهذه الاستراتيجيات في حياتنا؟ ولماذا نفاجأ في كل مرة بظهور مشكلة أو أزمة تصل إلى حد الكارثة؟
الحقيقة أننا لو تقصينا البحث في أسباب هذه الأزمات لاكتشفنا بسهولة أن أحد لأسباب الرئيسة التي أدت إلى وقوعها هو غياب السياسات العامة، وعدم وضوح الاستراتيجيات الكبرى التي تستشرف المستقبل وتضع الحلول لمواجهتها، والأمثلة لدينا كثيرة ومتنوعة وفي شتى أنواع المجالات التي تثبت بالفعل أننا نفتقد مثل هذه الاستراتيجيات والسياسات العامة.
إن القراءة الدقيقة والواعية للمشهد المحلي تكشف لنا أننا كنا ـ ولا نزال ـ نتعاطى مع القضايا والمشكلات بمنهجية الفعل ورد الفعل.خذ مثلاً: (كارثة) 2011 فهي خير شاهد على أننا بالفعل نسير على هذا النهج. فقد كانت أحداث فبراير بمثابة الصاعقة التي نزلت على رؤوسنا جميعاً وفاجأتنا لدرجة أنها أفقدتنا الحركة في البداية على اتخاذ القرار المناسب لمواجهتها ولولا لطف الله بنا ثم يقظة المملكة العربية السعودية ومن خلفها بعض دول مجلس التعاون وتحركها في الوقت المناسب، وحسابات إيران الإقليمية والدولية وإدراك ساستها وحيطتهم من الوقوع في الفخ الذي نصب لهم لكنا اليوم في خبر كان.
لقد اكتشفنا من خلال هذه الأزمة الكثير من الأمور السياسية والحقوقية والإعلامية والأمنية التي كانت غائبة عن بعض المسؤولين في بلادنا، فعلى الصعيد السياسي، لم يدر بخلد بعض الساسة أن المؤامرة على البحرين قد تم نسج خيوطها قبل فترة من الزمن، وأن ثورات ما يسمى بالربيع العربي قد دفعت باتجاه تنفيذ هذه المؤامرة وتقديم لحظة ميلادها.
كما إن نقطة الانطلاق نحو السيطرة على المنطقة بأسرها تبدأ من البحرين ومن خلال بوابتها سيتم الدخول إلى بقية دول الخليج العربية وإن الذي يؤكد لنا على أن تنفيذ المؤامرة سوف تنطلق من البحرين هو عدة عوامل أبرزها العامل السكاني وبالتحديد العنصر الطائفي الذي أعطى أصحاب المؤامرة اللعب على وتره بسهولة.. إن وجود نسبة من الطائفة الشيعية الكريمة في البحرين ساعد كثيراً في تحريك مجموعات منها ليكونوا الوقود لإشعال نار الفتنة أو ما يسمى “بالثورة” حسب تعبيرهم والتي يأملون امتدادها إلى بقية أقطار الخليج حسب الخطة المرسومة، فتحرك بعض المجموعات الشيعية في بعض دول الخليج في هذا الوقت بالذات ليس له إلا تفسير واحد وهو أن المخطط يشمل كل دول المنطقة وإذا كان هناك من يشكك في كلامنا، فإننا ندعوه أن يعطينا تفسيراً لما يحدث في كل من القطيف والعوامية بالمملكة العربية السعودية وفي الكويت وتزامن تلك الأحداث مع ما جرى ويجري في اللحظة الراهنة في البحرين.
أما على الصعيد الإعلامي، فلا داعي أن نكرر ما قلناه في مقالات سابقة ولكن لا ضير من التذكير بأن الأزمة قد أيقظت الإحساس لدينا بأنه لا يوجد لدينا استراتيجية إعلامية واضحة قادرة على مخاطبة الآخر، فإعلامنا متفرغ للداخل وليته نجح في هذا المجال أيضاً إذ إن أدواته وأساليبه لم ترتقِ إلى مستوى الحدث فكان إعلاماً ضعيفاً وآسف أن أقول هذا الكلام ولكن هذا هو الواقع الذي لا بد أن نقوله حتى ولو كان قاسياً فهذا من شدة حرصنا على أن يكون إعلامنا قوياً ورصيناً خصوصاً في هذه الظروف الراهنة التي يلعب فيها الإعلام دوراً حيوياً في صنع الأحداث وأنا -وأعوذ بالله من كلمة أنا- لست الوحيد من الكتاب الذي يعتب على الإعلام في هذا الشأن، بل إن وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب تؤيد ما نذهب إليه وقد نوهت في مقابلتها الأخيرة مع قناة روسيا اليوم عبر برنامج “حديث اليوم” إلى ذلك حين أشارت في هذا السياق إلى القول: “أن البحرين اكتشفت فجأة أثناء الأحداث، أن هناك إعلاماً خارجياً ممنهجاً ومنظماً للقيام بدور قوي في تشويه صورة البحرين والإساءة للبحرين، وإدخال البحرين في معترك خطير، بينما الدولة لم تكن تملك إعلاماً للمواجهة”.
أظن أنه بعد هذه الأزمة وتداعياتها، فإن البحرين بحاجة ماسة إلى إدراك أهمية وضع الاستراتيجيات الكبرى والسياسات العامة التي تحدد فيها الأولويات المقبلة وتتضمن أهدافاً جديدة تنسجم أولا مع معطيات المرحلة الجديدة وثانياً تستجيب لمتطلبات المستقبل.