الرأي

مَن سيحكم مصر؟

مَن سيحكم مصر؟


القرارات التي أصدرها الرئيس المصري قد تكون بها نسبة معينة لصالح مصر والنسبة الأكبر لصالح جماعة الإخوان المسلمين الذين انتظروا هذه الفرصة الذهبية لأكثر من 80 عاماً، الجماعة الإسلامية الإخوانية لم تكن لها مشاركة جادة وأولية في ثورة 25 يناير لكنها سريعاً ما قطفت ثمرة هذه الثورة بدءاً من سيطرتها على مجلس الشعب ورئاسته واللجنة التأسيسية لتحضير الدستور وصولاً إلى رئاسة الجمهورية وتعيين رئيساً للوزراء وفق النموذج الذي تريده. وكان آخرها القرارات الجمهورية «التي يعلم الله مصدرها ومنبعها» التي أصدرها الرئيس المصري التي لاقت ترحيباً إخوانياً كبيراً في داخل مصر وخارجها، وتمثلت في استحواذ الرئيس المصري بالسيادة الثلاثية على مصر مُبعداً حُكم العسكر من خلال اختصاصات جديدة أضافها للمادة «56» بعد إلغائه للإعلان الدستوري المكمل.
المشهد الأخير المصري أثار ردود أفعال متباينة في داخل وخارج مصر، فهل إبعاد أهم عنصرين من المجلس العسكري المصري دليل على أن هذا المجلس ضعيف وأنه لا يملك القوة؟ أم أن الرئيس المصري أقوى مما كان يُظن به؟ أم أن هذه القرارات هي سيناريو وضع في الظلام ونفذ في النهار؟ أم أن المجلس العسكري أراد أن يعطي للرئيس المصري الجمل بما حمل معتبراً أن الرئيس وجماعته اليوم أصبحوا أمام امتحان حقيقي؟ أم أن الصراع على حُكم مصر بين الجماعة الإخوانية والمجلس العسكري تم حسمه وأصبحت مصر رسمياً إخوانية؟؟
من خلال مسيرة التصريحات الإخوانية منذ ثورة 25 يناير وبداية مشوار الانتخابات التشريعية والرئاسية لم تحمل تلك التصريحات باختلاف مصادرها المصداقية والنزاهة والشفافية في العمل السياسي، فكانت تحوي على الكثير من التعهدات التي لم يتم الوفاء بأيٍ منها. واليوم عندما تبدأ الدولة الإخوانية فكل ما سيتم عنها هي ممارسات أي نظام سياسي آخر يستفرد بالسلطة، وذلك بتهميش وإقصاء كل مَن لا تتفق معه الجماعة. «أليست الجماعة هي الدماء الجديدة التي طال انتظارها» كما صرح بذلك الرئيس المصري في تصريحه الأخير؟ إن الخلاف بين جماعة الإخوان المسلمين وباقي الأحزاب السياسية المصرية الوطنية والقومية هي على هوية الدولة المصرية، بين أن تكون مصر دولة مدنية ديمقراطية أو دولة دينية ثيوقراطية، والشعب المصري غالبيته يبتغي لمصر أن تكون دولة مدنية ديمقراطية التي تعترف بالآخر وبرأيه ولا تعمل على تهميشه وإقصائه من الحياة السياسية.
نتمنى أن تكون قرارات الرئيس المصري بمثابة إعادة ترتيب للبيت المصري بعيداً عن الأجندات الدينية والطائفية، وأن تكون هذه القرارات هي اتفاق سياسي بين المجلس العسكري والجماعة التي تريد أن تستحوذ ولو بالقوة على المقدرات المصرية وتعلنها أنها دولة دينية سلفية «لا سمح الله»، وأن تكون هذه القرارات بداية لحركة سياسية تعمل على إعادة الأمن والاستقرار المصري المفقود وأن تعجل بكتابة الدستور المصري المنتظر طويلاً، وألا تكون هذه القرارات بمثابة بداية صدام بين العسكر ودولة الإخوان. ولا يعتقد أي طرف أو قوة من القوى السياسية أنها انتصرت على الأخرى، فبمثل هذا الصراع لا يوجد انتصار بل هزيمة لها، لأن مصر ستنتصر عندما يتحد أبناؤها وأحزابها وقواها السياسية معاً لأجل قوة مصر وعزتها ومنعتها، وأي خلاف بين هذه القوى هو خسارة لمصر وتراجع لأهداف ثورة 25 يناير. وقد يكون ما حصل هو جزاء سنمار، إذ إن المجلس العسكري هو الذي مكن جماعة الإخوان من السيطرة على المقدرات المصرية، وعليه أن يتحمل تبعية ذلك. لقد حافظ المجلس العسكري على مصر منذ بداية الأزمة على المقدرات المصرية ووقف مع ثورة 25 يناير ومع الشعب المصري، وقبول المجلس العسكري لهذه القرارات يعتبر بمثابة التزام وطني تجاه مصر وشعبها، وهؤلاء القادة خدموا مصر وحموا البلاد طوال وقت وجودهم أثناء تأدية واجبهم. ونسأل الله أن يحمي مصر والمصريين ويسدد خطى شعبها لتحقيق التقدم والازدهار والرقي لمصر ولشعبها. مَن سيحكم مصر اليوم؟ أهو الرئيس؟ أم قوى أخرى غير الرئيس؟ ومَن هذه القوى التي ستنفرد بحكم مصر؟؟