الرأي

هذه الـ 50% الباقية التـــــي لم يستخدمهــــا

اتجــاهـــات



أتذكرون التهديد -وما أكثرها من تهديدات- الذي صدر عن أمين عام الوفاق حينما قال بأنهم لم يستخدموا حتى الآن سوى خمسين بالمائة من قوتهم؟!
يومها تحمس كثيرون من أتباع الوفاق، وظنوا بأن التصعيد سيصل لمستوى التصادم القوي على الأرض بحيث يعلن عن معركة “تحديد مصير” ستنتهي لصالح الوفاق عندما تستخدم النصف المخفي من قوتها الحقيقية، فيسقط بعضها النظام.
التهديد الصريح للدولة، كان في سياق عديد من الصرخات والهتافات التي كانت تعلو وتبرز في التجمعات التي تحشد لها الجمعية وأتباعها، حينما كان الناس يقفون ليستمعوا باهتمام علهم يجدون إجابة شافية لتساؤل هو يكبر اليوم بشكل واضح “إلى أين تأخذنا الوفاق؟”، وكان الرد ومازال نفسه، كلاماً فضفاضاً عاماً دون تفصيل وتوضيح لما هو الهدف تحديداً، والأهم الصرخات في النهاية التي تقول: صمود، وسنواصل ونحارب ونواجه. بعدها يدفع بالناس في الشارع، وفي الجهة الأخرى يسافر أعضاء الوفاق للسياحة الإعلامية في الخارج كون نوعهم تتوافق مواصفاته فقط مع أجواء النضال الكلامي في استوديوهات التلفزة.
طيب، أين الـ50 بالمائة الباقية من “قوة الوفاق” التي توعد بها موجهاً تحذيراً للدولة وللجيش وكل شخص يقف منهم موقف الضد والرفض لمساعي اختطاف البلد؟!
بعد أسابيع طويلة من إطلاقه التصريح لاستدرار حماس الناس المغرر بهم، والموهومين بوجود ثورة، والمعولين على صدق مسعى الوفاق، يقول قبل يومين في مأتم الإمام علي بقرية الدير التالي: “عنوان لم نستخدم قوتنا، ليست المقصود فيه قوة الجمعيات، وإنما قوة الشعب، وهذا العنوان ذكرته في الأسبوع الأول للسلامة الوطنية، وأستمده من كلمة الشعوب أقوى من الطغاة، فلا يمكن لنظام أن يهزم شعباً أبداً”.
ألم نقل لكم بالأمس إنه “يُلعب بكم” من قبل من يدعون النضال لأجلكم وأنهم ضحوا لأجل سواد عيونكم؟!
الآن القوة المقصودة هي “قوة الشعب”، أي أن الرجل يتحدى الدولة ويهددها ويتوعدها بزج مزيد من الشعب، أو من بقي منه -باعتباره يتحدث عن الـ50 بالمائة باقية- لمواجهتها على الأرض والاشتباك مع أجهزة الأمن، يعني من سيضحي لأجل الآخر الوفاق أم مريدوها؟! من سينزف الدم لأجل قضية الآخر، علي سلمان أم من يدعوهم للخروج في الشارع ليرددوا ما لقنهم “صمود” و«عائدون”؟!
هذه هي حقيقة الـ50 بالمائة التي كان وقعها حينما ألقاها على أتباعه وكأنه يتحدث عن ملائكة تتنزل من السماء لتقاتل معه، أو وكأنه يتحدث عن أسلحة نووية غير معلن عنها سيقصف بها الدولة.
هو اليوم يتحدث وأتباعه عن الحوار، أغلب كلامهم عن الحوار، في واشنطن وأمام لجنة من الكونجرس أوصوا موفدهم بأن يتحدث عن الحوار ويقدم هو طلباً للدولة بأن توجه دعوة لهم. هم يمهدون لأنفسهم خط رجعة للعب في الساحة السياسية لكن بصفة شرعية من داخل البرلمان، وهذا ما يعولون عليه بعد إقامة الحوار الموعود من حل للبرلمان وإجراء انتخابات جديدة وحصول تغييرات جذرية في البلد.
حينما أحس بأن الناس انفضت من حوله صرخ وقال وهدد الدولة بأنه يمتلك الـ50 بالمائة من القوة لم يستخدمها بعد، وحينما مهد الطريق أمامه وأصحابه بالعودة للجلوس على طاولة المفاوضات قال بأن الـ50 بالمائة المقصود بها هم الناس الذين يتبعونه ويصدقونه، والذين إن قال لهم ارموا أنفسكم في البحر لرموا أنفسهم.
طيب، إن كانت قوة الشعب المعنية وليست قوة الجمعيات، فينبغي ألا يقبل الشعب أن تستفرد الجمعيات بالمكاسب لو تحقق لها الجلوس في الحوار، بل يفترض أن تكون هي التابعة للشعب الذي يسألها اليوم إلى أين تقوده.
أولستم أنتم الـ50 بالمائة التي لم يستخدمها من قوته، طبعاً دون نسيان أنكم أصلاً الـ50 بالمائة الأولى التي استهلكت في المقام السابق؟!