الرأي

الفئة المنسية .. مــن المســــؤول؟!

النــــاس



قبل أيام قليلة وفي هذا الشهر الفضيل توفي شاب صغير اسمه “جمال” من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، في إحدى خرائب المحرق، ولم يعلم أهله إلا بعد أيام من وفاته.
كان يعيش في بيت قديم مع أبيه المقعد وأخواته في مجمع 209 بالمحرق، وكان متعلقاً جداً بالفريج. قضى عمره متجولاً بين الطرقات ويأكل من بيوت الجيران. وشاءت الظروف أن تنتقل عائلته البسيطة للسكن في منطقة قلالي، إلا أنه لم يتقبل السكن في المنطقة الجديدة وهرب من البيت ليعود إلى الفريج القديم. وهكذا ظلَّ حاله منذ سنوات كلما أخذه أهله للبيت يهرب ويظل غائباً لمدة أيام إلى أنْ يتصل بهم أحد جيرانهم القدامى يبلغهم بأنه يتجول بين الطرقات وحيداً، وبملابس رثة ويأكل من البيوت التي يطرق أبوابها وينام في الشارع.
أخواته من البسطاء اللاتي لا حول لهن ولا قوة، وحاولوا كثيراً السيطرة عليه وحبسه بالمنزل حفاظاً على سلامته لكن لم يستطعن، كما انهن يعشن ظروفاً صعبة لا تساعدهن على الخروج ليلاً ونهاراً للبحث عنه وإعادته للبيت بعد كل مرة يهرب فيها.
انتهت قصة جمال بوفاته بإحدى الخرائب، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن من المسؤول عن أمثاله ومن في حكمه؟ في المحرق فقط نرى الكثير من هذه النماذج البائسة، تتجول وتأكل وتنام في الشوارع. والأمر نفسه ينطبق على بعض المسنين الذين لا عائل لهم ويعانون المرض والخرف، ويقضون جلّ أوقاتهم في شوارع المحرق القديمة ويأكلون مما يتلقونه من المحسنين. يعيشون في بؤس يفترشون الطرقات في ظروف جوية صعبة صيفاً وشتاءً. هذه الفئة وبعض من الحالات الإنسانية الصعبة المشابهة لها، ظلت منسية لم تطالها يد المساعدة والرعاية المطلوبة من الحكومة.
رعاية هذه الفئة يجب ألا تظل شعاراً يُرفع وإنما تتحول إلى مبادرات فعلية على أرض الواقع وتزداد تطوراً، وتلك مسؤولية اجتماعية وإنسانية، يجب أنْ تتحملها الدولة وبدعم من المؤسسات التجارية والأهلية.
نناشد سمو رئيس الوزراء بتوجيه وزارة التنمية لتبنّي مثل هذه الحالات الإنسانية والصعبة، وتوفير المأوى والرعاية المناسبة، فمعظمهم لا أهل له أو يعيش في كنف والدته أو والده المسن أو في بيت أحد إخوانه الذين عجزوا عن السيطرة عليه لظروفه العقلية والصحية. والبعض منهم يتعرض للأذى والضرب والاغتصاب لتواجده في الشوارع ليلاً ونهاراً.
ونحن من هنا نطالب بإجراء دراسة مسحية لهذه الحالات الهائمة في الشوارع الأطفال منها والمسنين، وأنْ تتبنى بشكل جدي وتعالج بشكل يليق بما تتمتع به البحرين من مكانه وإمكانيات مادية. فمن غير المعقول الرضا والسكوت عنها وغض النظر عن بؤس حياتها ومصيرها، ونحن نحمِّل وزارة التنمية والدولة هذه المسؤولية، فالقضية ذات أبعاد إنسانية واجتماعية خطيرة، والقصص كثيرة لا مجال لذكر المزيد منها، (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)