الرأي

أحرار الوفاق والتقية السياسية المقلوبة!!

أحرار الوفاق والتقية السياسية المقلوبة!!

هل يتخيل أحدكم أن تشهد مملكة البحرين مستقبلاً ظهور جماعة سياسية ترمز نفسها بـ«أحرار الوفاق» ومن الطائفة الشيعية نفسها، تلك التي تدعي جمعية الوفاق دولياً وإقليمياً وبشكل دائم أنها تعاني من اضطهاد طائفي وتمييز وظيفي وخدماتي وسياسي وأمني بوطنها البحرين، وتدعو المنظمات الحقوقية إلى نصرتهم ونجدتهم؟
هناك بعض المؤشرات لمن يتحسس نبض الشارع السياسي البحريني واتجاهات سيناريوهاته القادمة، إذ تبين أن هذه الجماعة في طريقها للخروج حتى وإن تأخر خروجها، كما نجزم أن هناك اتجاهاً في الطائفة الشيعية الكريمة تحديداً قد أخذ يتشكل منذ الدورة الثانية للمجلس النيابي وبدأ يتذمر ويعارض تصرفات الوفاق الإرهابية وزمرتها ويريد وضع حد لها، فالكيل أخذ يطفح حتى وإن لم تتم المجاهرة به علناً حتى الآن، سوى من شخص أو شخصين خرجا من منطقة السنابس وعبرا للوفاق عن استيائهم وحملوها المسؤولية وانتقدوها بجرأة.
عام 2010 كان أحد المواطنين من الطائفة الشيعية الكريمة يحدثنا، وكان يسكن في منطقة قريبة من قرية بني جمرة التي تدخل في مخطط الوفاق الأرهابي في المواجهات مع رجال الشرطة، وراح يقول ونحن نسأله عن الوضع العام للمنطقة وعن أداء ممثلها النيابي، فأجاب إجابة طويلة مختصرها: الإنجاز البارز الذي حققه هو حصوله على سيارة بي ام دبيلو إلى جانب استخراجه سيارة أخرى وبناء منزله وتحديثه، فيما نحن لا يدري عنا أبدا! علي سلمان أين أبناءه؟ يدرسون بالخارج ويعيشون في رفاهية فيما أبناء قريتي يخرجون إلى الشوارع للتواجه مع رجال الشرطة ونحن من ندفع الثمن!!
بدت إجابته حتى وإن تنبهنا فيها إلى مبدأ ما يروج له البعض من مبدأ “التقية السياسية”، إلا أننا استشعرنا أن بعض ما في كلامه قيل عن قناعة تامة وتحليل لوضع قد بدأ يتناوله كما الحنظل ويعيشه مع الأهالي وإن كابروا ولم يملكوا الشجاعة للمجاهرة به أمام الوفاق والإرادة لتغييره.
هذا المؤشر الذي بدا واضحاً أخذ يبرز بشكل أكثر في فترة انتخابات 2010 النيابية الماضية، ففي دراسة لقياس اتجاه الرأي العام في كل منطقة انتخابية وحظوظ كل مرشح، كنا نقوم بها بالاتصال بعدد من أبرز وجهاء المناطق والقوى المؤثرة فيها إلى جانب عدد من المواطنين، وبالطبع كانت بعض المناطق تشمل الدوائر الوفاقية التي تزعم الجمعية أنها دوائر مغلقة عليها، كان هناك سؤال نقوم بطرحه من بين الأسئلة العديدة لاستطلاع الرأي العام بشأن الوضع الانتخابي من بينه “ما رأيك في أداء عضو المجلس النيابي والبلدي؟ ومن ستقوم بالتصويت له نيابياً وبلدياً؟”، وكنا نتعمد الاتصال بمواطنين من كلا الطائفيتن، ولاحظنا أننا عندما نتكلم مع مواطن من الطائفة الشيعية كان دائماً يقول “هل تريدوني أن أحدثكم بمنتهى الصراحة مع شرط عدم وضع اسمي الكامل أو صورتي”، وبالطبع كانت تهمنا صراحته حتى تخدم مصداقية الموضوع، فكان المعظم يقول بعد اشتراط عدم وضع اسمه “إنه لن يصوت لمرشح الوفاق رغم أنه يدرك أن صوته قد لا يؤثر في عدم فوزه، فهناك تحشيد من الوفاق للأهالي لإنجاح مرشحهم مهما كانت مؤهلاته وكفاءته، لكنه عن نفسه لن يصوت لهم لأنه يدرك أنه لا أهداف لهم سوى الأهداف الإرهابية”، كان واضحاً أن العديد من المواطنين من الطائفة الشيعية أنفسهم بداخلهم أفكار قد أخذت تتشكل عن الوفاق، وتتذمر على مسألة التحشيد والرضوخ الأهلي لهم، وأنه يجب البدء في تغيير هذه المنهجية، فيما بعضهم قد أخذ يتكلم بها بشكل غير علني، ويذكر أن المرشح الوفاقي قد لا ينجح، وإن نجح فبنسبة أقل من النسبة العالية التي حصدوها في الانتخابات الماضية.
ظهرت نتائج انتخابات 2010 النيابية والبلدية؛ وبدا واضحاً من النسب التي حققها مرشحو الوفاق أن هناك تغييراً نسبياً في نسبة التصويت لمرشحيها، وأنه فعلاً قد تغيرت النسب من 90% إلى ما دون الـ70% في بعض المناطق، مقابل توزع الأصوات الأخرى لمرشحين آخرين بعضهم من الطائفة الشيعية نفسها التي تدعي الوفاق تمثيلها، مما يعكس أن هناك تغييراً مرحلياً بسيطاً في “الفعل الانتخابي” قد بدأ يجري في الشارع الوفاقي، حتى وإن كان في هذا الشارع من يكابر ولا يجاهر به ويقوم به من وراء الكواليس، كما كان من الواضح أن مبدأ “التقية السياسية” الذي كان بعض ممن في هذا الشارع يمارسه بادعاء دعمهم لمرشح في حين يقوم بالتصويت للمرشح الوفاقي، قد أخذ منهجية “انقلب السحر على الساحر”، أي إنهم قلبوا تقيتهم السياسية بممارستها نحو الوفاق نفسها وإن الموقف قد تبدل!!
الملاحظ في شارع الوفاق أن هناك “حرائر” وفاقية تريد التحرر من هيمنة الوفاق السياسية وتحشيدها الأهلي الذي يسير بلا منطق وبلا مصلحة عامة تخدم الوطن والمواطنين وتضرها كثيراً، إلا أن هذا التحرر مايزال يجري في النفس فقط كفكرة وبتقية سياسية بعيدة عن المجاهرة، إلا أن هناك أمل بأن المستقبل القريب سيوجد لها طريقة للظهور، فهناك مثل يقول “انتبه لأفكارك لأنها ستصبح كلمات، وانتبه لكلماتك لأنها ستصبح أفعال، وانتبه لأفعالك لأنها ستصبح عادات!!”، ونضيف على ذلك “ستصبح اعتصامات وتظاهرات ستطيح بالوفاق مستقبلاً!!”.