الرأي

الرد الإعلامي على موجات الإساءة للإسلام

الرد الإعلامي على موجات الإساءة للإسلام

لم يطرح الإعلام العربي على نفسه سؤالاً بسيطاً لمعرفة أسباب الإساءة المتكررة بين الفينة والأخرى للرسول صلي الله عليه وسلم والرموز الإسلامية؛ لكنه انساق عاطفياً وراء الجماهير الغاضبة من المشرق والمغرب دون تحديد لماهية الرسالة ولا لأهدافها ولا للآثار السلبية الوخيمة التي تنتج عن ردود الأفعال العاطفية غير المحسوبة، ناهيك عن ضياع فرصة ذهبية كان يمكن استثمارها لخير الإسلام والمسلمين، وتوجيه هذه الطاقة الجماهيرية الفعالة بما ينفع العالم الإسلامي، ومن ثم تحويل المحنة إلى منحة.
يلخص الأستاذ تهامي افريز، وهو عضو تنفيذي في اتحاد المنظمات الإسلاميه في أوروبا، أسباب تكرار موجات الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم والرموز والشعائر الإسلامية الأخرى بين حين وآخر إلى مايلي:
أولاً: تزايد نسبة اعتناق الأوروبيين للإسلام بشكل مضطرد في السنوات الأخيرة.
ثانياً: ازدياد عدد المسلمين المهاجرين إلى أوروبا (25 مليونا) بصورة أزعجت اليمين المتطرف، وظهور حملات العدوان والعنف والتضييق والاساءة للأقليات الإسلامية في معظم الدول الأوروبية بصورة لافتة في الآونة الأخيرة.
ثالثا: تبوؤ كثير من المسلمين في أوروبا مراكز اجتماعية واقتصادية مرموقة أثارت حفيظة اليمين المتطرف والحركات الصهيونية والعنصرية، وجعلت من -الإسلامفوبيا- فزاعة تحدد وترسم بها مستقبل العلاقات بين المسلمين وغيرهم، هذا الى جانب الموروث الثقافي السلبي الذي حكم ولا يزال الكثير من المعايير والأحكام على صورة العرب والمسلمين في العقل الغربي والأمريكي.
كما إننا لم نلاحظ أي عقلانية إعلامية في معالجة أزمة ما يسمي بالفيلم المسيء؛ فمعظم الغاضبين من الناس ومن ورائهم -الإعلاميين- لم يشاهدو الفيلم أصلاً، وكان الأولى بالإعلام العربي أن يسبق الجماهير في التعامل مع الأزمة بمنهجية وحكمة، لا أن يتبعها في ديماغوجية أضاعت الحق ورتبت حقوقاً للمسيء، وكاد الأمر أن يصل إلى احتلال جديد لدولة عربية قتل على أرضها سفير، لكن الله سلم.
إن المتعصبين والحاقدين يثيرون هذه الممارسات البغيضة لتحقيق أهدافهم، وهم يراهنون في هذا على الغضب والعنف المنفلت، وينصبون الفخ تلو الآخر دون استبعاد لأصابع المخابرات في حياكة مثل هذه الشراك المفخخة، لهذ كان يجب على وسائل الإعلام العربية أن تطرح البديل الإعلامي والآلية العملية الحكيمة المستندة على الحكمة في التعامل مع موجات الإساءة المتكررة للرموز الإسلامية، وهو ما سوف نتناوله في مقال آخر إن شاء الله.