الرأي

حين ترتبك إيران انتبهوا لحصان طروادة

كلمــة أخيــرة

ما حدث في جرداب والمحرق هو ذاته ما يحدث في طرابلس في لبنان، محاولة لجر الأهالي لصدام بينهم، ولا يمكن أن يكون صدفة، كما لا يمكن أن يكون الاصطدام الأهلي هدفاً بحد ذاته، لابد أن يكون الهدف أكبر من ذلك، وما شغل الأمن بالسلم الأهلي إلا لصرفهم عن الاهتمام بأهداف حيوية أكبر.
في طرابلس وفي البحرين وبتكتيك متطابق ومتزامن، وقعت أحداث مفتعلة لجر الأهالي للصدام، ولو أن السلاح متوافر في يد عملاء إيران البحرينيين، كما هو في يد عملائها اللبنانيين، لكان وضع البحرين كوضع لبنان الآن، ولشهدنا حالات خطف وانسياب أمني أخطر مما هو حاصل في البحرين، تطابق التكتيك البحريني واللبناني يثبت أن مركز قراره واحد، وفي وضع كوضع دولنا الخليجية في مواجهة دولة انتحارية حمقاء كإيران، علينا أن نفكر خارج الصندوق، دول الخليج ستواجه في الأشهر القادمة دولة تشعر بالتهديد المباشر، دولة لم تتردد بالارتماء في المستنقع السوري بكامل ثقلها وتعريض أمنها ومصالحها للخطر، وهي دولة تعاني من عقوبات ومن حصار ومن اضطرابات داخلية محلية، ومع ذلك تنشغل بحليف خارج حدودها السياسية، هذه دولة انتحارية بلا شك وخطرها في هذه الحالة هو حماقتها.
بالنسبة لنا في دول الخليج فإن التركيز على النظر لمركزية قرار العملاء الإيرانيين مهم جداً، والانتباه إلى تلك الروابط التي تجمعهم، ولا يمكن أن تقف أهداف عملاء إيران للصدامات الأهلية فحسب، بل علينا النظر إلى ما هو أبعد من ذلك، علينا التركيز على حماية المنشآت الحيوية كمثال في دول الخليج فلها الأولوية اليوم، إذ ستكون هي الهدف الأكبر القادم والأهم، خاصة النفطية منها، أو منشآت الطاقة والاتصال والمواصلات، لذا فإن الحذر واجب والانتباه لابد أن يكون مضاعفاً وتبادل المعلومات بين دول الخليج وبأعلى درجات التنسيق مطلوب بينهم في الأيام القادمة.
إيران تتعلق بأي قشة اليوم، وحماقتها أعيتها، وأكثر من سيتضرر من تلك السياسة الحمقاء هم عبيدها العرب الذين ستجبرهم على الكشف عن هويتهم في الأيام القادمة، غير عابئة بأمنهم، فهي التي زرعتهم في الدول العربية لخدمة أجندتها ومصالحها القومية، وقد حانت ساعة الصفر بالنسبة لإيران، لا بالنسبة للعملاء، لذلك لا مفر من تحركهم العلني حتى لو أدى ذلك لكشف الأوراق، ستحاول إيران تحريكهم على الأهداف الكبرى، الأهداف التي ممكن أن تصيب دول الخليج في مقتل، الدولة التي خلعت برقع التقية في ارتمائها في المستنقع السوري، لا يهمها تقية عملائها الآن، بل ستجبرهم على خلع برقعهم هم الآخرون والتوجه للأهداف الحيوية.
ومن جهة أخرى، ستحاول إيران كسب حلفاء دوليين جدد متعلقة بأحبال واهية، ومؤتمر دول عدم الانحياز يشكل بالنسبة لها سوقاً ستعرض فيه بضاعتها في محاولة أخيرة لكسب حلفاء جدد يجنبونها مصيراً مجهولاً في انتظارها، لا تعرف فيه عدوها من صديقها، في حين أن الصفقات الكبرى قد تمت وانتهت.
دولة بهذا الوضع المرتبك والمهدد، هي كالحيوان الجريح المحصور في زاوية، وهو وضع اختارته بنفسها بحماقة قل مثيلها على مدى العصور، إذ حاول الجميع مساعدتها ومد يد العون لها بمن فيهم خصومها من دول الخليج الذين ذاقوا مرارة ثلاثة حروب، ولا يريدونها رابعة، لكنها الحماقة أعيت صاحبها، في النهاية دول الخليح قدمت حسن النوايا وجاءت بالماء للحصان، لكن الحصان لا يريد أن يشرب الماء، فما العمل؟
ما يهمنا وما يعنينا هو أن على دول الخليج تغيير سياسية استجداء الوعي الإيراني، أو سياسة إبداء حسن النوايا، دول الخليج عليها مواجهة الواقع بسياسة أمنية حازمة محلياً، تضرب بيد من حديد على أي حراك يمس المصالح والأهداف الحيوية، فذلك إعلان حرب واضح وصريح.
دول الخليج عليها أن تستعد لأسوأ السيناريوهات، ولا ندري إن كان الأوان قد فات على إيران لتراجع نفسها وتجنب شعبها الدمار أم لا؟ لكن تضييع وقت دول الخليج في انتظار وعي أو إدراك إيراني هو خسارة، سندفع ثمنها وستأتي على حساب أمننا وسلامتنا.
نحن لا نتمنى وقوع حرب في المنطقة، ولا نتمنى إلا الخير للشعب الإيراني، ولكن هذا قدر إيران، علينا الآن أن نتعامل معها بسياسة أمنية حذرة جداً، لا تغفل عيننا لحظة واحدة عن عملائها في الداخل أو عملائها في الخارج، فلا ندري أي حماقة سترتكبها أو حتى أي صفقة دولية ستعقدها إيران مع أعدائها كي تنقذ نفسها!!
فهل استعدت دول الخليج لتأمين سلامة دولها محلياً ودولياً؟ هل استعدت دول الخليج استخباراتياً وأمنياً وعسكرياً للتعامل مع “إيران المهددة”.. إيران المضطربة.. إيران الانتحارية؟