الرأي

الشباب والصيف

الشباب والصيف

بعد عام دراسي (2011 ــ 2012) انتهت الدراسة في المدارس الحكومية وفي مختلف الجامعات والمعاهد، وبدأ الصيف شديد الحرارة في البحرين، وسيبدأ الفراغ يلتهم الطلاب والشباب الذين شغلتهم في الشهور السابقة الدراسة. وبدأت المعاهد الخاصة بفتح أبوابها وتلقي طلبات من يرغب في الاشتراك في برامجها الدراسية والعلمية والثقافية والاجتماعية، ولكن ليس كل الأسر البحرينية راغبة في برامج هذه المعاهد خاصة أو قادرة مادياً إذا كان لديها عدد من الأبناء. وهنا يأتي دور الدولة ومؤسساتها التربوية والتعليمية والثقافية مع مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات ثقافية ونوادٍ ثقافية ورياضية ومحافظات المملكة بجانب المؤسسة العامة للشباب والرياضة. فتستطيع هذه المؤسسات المختلفة تقديم مختلف أنواع البرامج العلمية والثقافية والعلمية من محاضرات ومسليات هادفة وبالمجان، خاصة أن الجيل الحاضر بحاجة كبيرة إلى التعرف على تاريخ وطنه وبما يحويه من مخزون من التقاليد والعادات الحميدة التي انتشرت في البحرين سابقاً ولا يزال الآباء والأجداد يحافظون عليها.
يتمثل الدور الأول في وزارة التربية والتعليم حيث تملك هذه المؤسسة التربوية الرائدة الكثير من البرامج التربوية والثقافية والعلمية، كما إنها تملك المكان الذي يمكن فيه أن تقام هذه الفعاليات. ومثلما احتضنت مدارس البحرين أبناءها خلال الأشهرالتسعة السابقة تستطيع أيضاً أن تضع مجموعة من البرامج لاحتضان هؤلاء الطلاب والشباب بدلاً من ضياع أوقاتهم في فراغات مملة وضائعة وقد تكون هالكة، وقد (لا سمح الله) تنتشلهم أيد ملوثة وتلقي بهم في أتون الهلاك الاجتماعي، أو تصطادهم المؤسسات الطائفية التي تعد برامج تتفق مع أجنداتها.
لذا فمن الممكن أن تقوم الوزارة بفتح عدد من المدارس في الأوقات الصباحية والمسائية لأبنائها الطلبة من البنين والبنات، وتقدم لهم البرامج الاجتماعية والثقافية المفيدة والهادفة لتنير عقولهم وتقوي شخصيتهم وترفع من معلوماتهم.
المؤسسة العامة للشباب والرياضة لها تاريخ حافل في مثل هذه الأدوار الوطنية، فاسمها دليل اهتمامها، فهي تهدف إلى رعاية الشباب من خلال جميع أنشطتها وفعالياتها. ومع قدوم الصيف البحريني وغلق المدارس والجامعات تتحمل المؤسسة العامة للشباب والرياضة عبء أكبر عن بقية شهور السنة. لذا يتحتم عليها أن تعد الكثير من البرامج الرياضية التي تصقل روح الشباب وتقوي أبدانهم، ومن خلالها يتخلصون من الفراغ ويتلهون بشيء يستفيدون منه، ومنها يتعلم الطلبة والشباب من هذه البرامج طبيعة تحمل المسؤولية والاعتماد على الذات، وتنمي لديهم روح المواطنة.
لجمعيات مؤسسات المجتمع المدني دور كبير في تربية النشء، فتستطيع من خلال وجودها أن تساهم في خلق الوعي الثقافي والفكري الوطني للطلبة والشباب من خلال مجموعة من البرامج الثقافية والاجتماعية والرياضية، فمن خلال هذه البرامج الصادقة يستطيع الطلبة والشباب الابتعاد عن أساليب العنف والاعتداء على ممتلكات الغير، وتجنب السلوكيات الخاطئة التي تحرق الوطن وأبناءه. فهي يجب أن تكون الحضن الدافئ لهم وأن تهديهم إلى طريق الخير وتعلمهم حُب الوطن والاعتزاز به وبقيادته السياسية وبشعبه، فبذلك تستطيع هذه المؤسسات أن تبعدهم عن الفئات التي تغرر بهم وتهوي بهم في نار الهشيم.
تنتشر في البحرين العديد من النوادي الثقافية والرياضية، وهذه المؤسسات لها تاريخ مجيد في الاهتمام بالطلبة والشباب وبرعايتهم، فهي تملك مخزون كبير من الأنشطة والفعاليات التي تساهم في خلق المواطن الصالح والرشيد. والإجازة الصيفية ميدان متسع لممارسة الكثير من الأنشطة والفعاليات الهادفة والمحببة لهؤلاء الطلبة والشباب من البنين والبنات، ولا شك أن هناك نخبة من الأفراد الأعضاء في إدارة هذه النوادي لديهم من الخبرة والعزيمة والقدرة على تحقيق أهدافاً وطنية وإنسانية من هذه الأنشطة حين استقبالها لهؤلاء الطلبة والشباب أثناء صيف البحرين.
إن من أهم أهداف محافظات مملكة البحرين هو رعاية مواطنيها في المحافظة وفي جميع المحافظات، وتعتبر فئة الطلبة والشباب هي من أهم الفئات التي تحتاج إلى الاهتمام والرعاية الأكثر من غيرها، لكونها مستقبل الوطن وأمله، وكل محافظة وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والمؤسسة العامة للشباب ومؤسسات المجتمع المدني ونوادي المحافظات تستطيع تنفيذ الكثير من البرامج الاجتماعية والثقافية والرياضية والمُسلية، سواء في المدن أو القرى أو في الساحات العامة أو في المجمعات التجارية المنتشرة في البحرين.
حين يجتمع الطلبة والشباب لتأدية مثل هذه البرامج في الصيف فإن ذلك سيفيدهم وستستفيد منهم بلادهم، فهؤلاء سيحققون الاستفادة من كافة البرامج الثقافية والاجتماعية والرياضية وستبعدهم عن كافة المكاره الاجتماعية التي تؤدي إلى هلاكهم وخسارتهم. فالوطن يحتاج كثيراً إلى أبنائه، ورعايته لهم تُعتبر غرساً يَحصد ثماراً يانعة طيبة المذاق.
ولا ننسى هنا دور الأسر وتوجيه أبنائها التوجيه الصحيح ومتابعة خروجهم وأوقاتها، فاهتمام الأسر يُشكل حماية حقيقية للأبناء.