الرأي

وساطة دولية لأزمــــة البحريـــن

نظــــــرات

تتوارد الآن الأنباء بعد انتهاء زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل مايكل بوسنر إلى المنامة عن محاولاته لعرض وساطة دولية بين مختلف الأطراف داخل النظام السياسي البحريني لمعالجة الأزمة التي بدأت في فبراير العام الماضي ولم تنته حتى الآن.
رسمياً لم يتم الإعلان عن مثل هذه الوساطة، ولكن يجري الحديث عنها في أروقة السياسة عبر دوائر صنع القرار، وبعض المهتمين. ليس مطلوباً الكشف عن الأجندة المقبلة، ولكن المطلوب ألا يكون هناك حل أو مساع إلا بمعرفة الجميع، فلا أعتقد أن الرأي العام البحريني يتطلع إلى مبادرات يتم الكشف عنها بشكل مفاجئ ومباشر في ظل استمرار انفعاله تجاه الأوضاع والقرارات والسياسات المختلفة.
الوساطة الدولية قادمة من واشنطن هذه المرة، وليست عربية أو خليجية، وإنما يتبناها البيت الأبيض الذي مازال متمسكاً بموقفه الداعم تجاه قوى المعارضة الراديكالية. فمثلاً في البيان الصحافي الذي أصدره مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل يوم الخميس الماضي تضمن (12) أمراً لحكومة وشعب البحرين ينبغي تطبيقها لأنها ستساهم في تعزيز المصالحة الوطنية والحفاظ على النسيج الاجتماعي!
المسؤول الأمريكي زار المنامة 5 مرات خلال الشهور (18) الماضية، مما يعني أنه يزور العاصمة البحرينية كل ثلاثة شهور تقريباً. وهو ما يعكس حجم اهتمام دوائر صنع القرار بالأوضاع في المنامة.
الوساطة الدولية التي تقودها واشنطن لأزمة البحرين تقوم على مسارين -بحسب بوسنر- الأول يقوم على تواصل الحكومة العمل مع الجمعيات السياسية المعارضة للتفاوض حول مستقبل البلاد السياسي. والمسار الثاني يقوم على الحوار حول القضايا الهامة عملياً لجميع البحرينيين والتي من شأنها أن تجعل جميع الناس في البحرين يشعرون بأن لديهم مصلحة في مستقبل البلاد.
كيف نفهم هذين المسارين اللذين قدمتهما واشنطن في وساطتها الدولية لأزمة البحرين؟
أولاً: مازالت واشنطن ترى ضرورة الحوار بين الحكومة والجمعيات السياسية المعارضة حول مستقبل البلاد السياسي. ومازالت لا ترى أهمية في مشاركة كافة الجمعيات السياسية في هذا الحوار. ولذلك فإنها ترى ضرورة أن يقتصر الحوار على الجمعيات السياسية المعارضة فقط بحسب البيان الصحافي الذي أصدره بوسنر.
ثانياً: واشنطن ترى أن جميع الناس في البحرين لا يشعرون أن لديهم مصلحة في مستقبل البلاد، ولذلك تطالب بمسار آخر من الحوار لمناقشة القضايا الهامة لجميع البحرينيين.
نخرج بتصور أن الوساطة الأمريكية تعتمد بشكل رئيس على الانحياز لقوى المعارضة الراديكالية من خلال قصر الحوار معها فقط دون غيرها. ومن الواضح أيضاً أنها تسعى نحو التمكين السياسي لفئات معينة حتى يكون «لديهم مصلحة في مستقبل البلاد».