الرأي

حج مبرور وذنب مغفور..

انقضى موسم الحج وانقضت معه أيام مباركة جمعت حجاج بيت الله الحرام من كل بقاع العالم بلباس واحد وفي مكان واحد وبعبادات واحدة، جمعت الغني والفقير والعالم والأمي والعربي والأجنبي، جميعهم سواسية جاؤوا خاشعين منيبين متشوقين لأداء ركن من أركان الإسلام بغية الأجر والمثوبة والمغفرة، تاركين ملذات الحياة ورفاهيتها لينتقلوا بين المشاعر المقدسة في مشهد مهيب ابتغاء وجه الله الكريم.

في تلك البقعة المباركة التي يتوافد إليها ملايين البشر طوال العام ويجتمع فيها الملايين أيضاً خلال موسم الحج تجد الأجواء المهيأة والخدمات المقدمة والتسهيلات الميسرة التي تقدمها المملكة العربية السعودية بتوجيهات وأوامر مباشرة من خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، تجد هناك عند زيارتك كحاج أو معتمر وسائل الراحة والدعم والأمن والأمان وكافة ما يحتاج إليه الزائر خلال تلك الرحلة الإيمانية.

من واقع زيارتي لأكثر من مرة كحاج ومعتمر لمست تلك الجهود التي أقل ما يطلق عليها أنها جبارة تتضافر من خلالها كافة أركان الدولة من خدمات طبية ومرورية وسياحية وبلا شك أمنية، فلك أن تتخيل عملية ضبط النظام في بقعة لا تتعدى الكيلومترات وأشبه بخلية نحل لا تتوقف بها الحركة في الأربع وعشرين ساعة طوال العام بين قادمين ومغادرين، أطفال وشيوخ، رجال ونساء، مرضى وأصحاء، ناهيك عن ذوي الاحتياجات الخاصة الذين هم بحاجة إلى عناية خاصة وتسهيلات مختلفة، كل ذلك ستجده في بيت الله الحرام في حرمه المكي الشريف وفي كافة الشعائر، وأضف إلى كل ما سبق المدينة المنورة وحرمها النبوي الشريف.

تابعنا جميعاً النقل المباشر ولمسنا الجهود المبذولة وتسابق الحملات أيضاً في تقديم أرقى الخدمات للحجيج، كل ذلك ليعود بعدها الحاج إلى دياره كما ولدته أمه متحرراً من الذنوب والمعاصي، يعود صافي الذهن زاهداً في ملذات الحياة مقدراً وشاكراً نعم الله، يعود إنساناً متسامحاً صافي القلب مساعداً للجميع.

الحج فريضة نعيد من خلالها حساباتنا ونعيد عبرها ترتيب أولوياتنا ونهذب أنفسنا، فليكن الحج فرصة لبداية جديدة وحقيقية للسلام النفسي والراحة القلبية، باختصار لنمسح أخطاءنا الماضية ونبدأ صفحة جديدة نكون من خلالها متعاونين متحابين يساعد بعضنا بعضاً ونشعر بأوجاع الآخرين ونشد من أزر الآخرين، نبني أوطاننا ونساهم في رقيها، وننبذ كل خلافاتنا ونبدأ من نقاط الالتقاء لتكون هي البداية الحقة للتغيير الحقيقي.