الرأي

من خواطر الأيام

رسائل حب



من المعاني الجميلة في كتاب «لأنك الله»: «عش أيّاماً مع الجبّار، أمِرّ معانيه الجليلة على جروحك، اجعلها البلسم لعذابات روحك، أيقظ بها أزاهير الفرح في نفسك، اصنع بتأملاتك فيها شمس حياة تقضي على الخواء الذي كنت تعيشه.

عندما لذعت السخرية بسياطها الحارقة قلب نوح، نظر إلى السماء ودعا ربه: «أنّي مغلوب فانتصر»، ففتح الملك سبحانه أبواب السماء بماء منهمر، أغرق الكرة الأرضية لأجل نوح عليه السلام». هل يستطع غير الله أن يجبر كسور الروح بمثل هذا؟ بعض الأشخاص يظنون أن من مهماتهم تدميرك، والسخرية بك، وإظهارك بحجم صغير جداً أمام رفاقك! ولولا الجبّار لطحنتك مكائدهم».


على أبواب موسم جميل من أجمل مواسم الحياة، وعلى أبواب رحلة جميلة من أجمل رحلات العمر، وعلى أبواب ميلاد جديد تتوق إليها نفوسنا التي اختارها الله عز وجل لتكون في وفادته. أضاءت أيامنا أنوار الحج، وبدأ ذلك النسيم العليل يجبر خواطر ضيوف الرحمن، ويهيّئ نفوسهم للولوج في ساحات الملك العظيم وضيافته العامرة بالخير والهداية والرحمات والمغفرة. فهنيئاً لمن اختاره الرحمن ليكون في وفادته، وهنيئاً لمن اختاره الرحمن ليكون خادماً لضيوفه، فهناك في أرض مكة على صعيد عرفات، تلتقي صنوف البشر بكل ألوانها ومشاربها ولغاتها، تخاطب مولاها بكل حاجاتها.

هناك الميلاد الجديد للنفس «خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، فما أجمل «حكاية الحج» تتجدد في كل عام، فتظهر كل ما في نفسك وتطهرها من كل الهموم ومن كل أكدار الحياة، لتقف بين يديه عابداً متبتلاً مبتهلاً إليه، بأن تكون صفحاتك القادمة بيضاء تطيب بها نفسك وتكتب فيها آثار الخير الصادقة الباقي أثرُها مدى الحياة.
ليس كل من يُدير أعماله في محطة ما من حياته هو من يتسم بسمات وسلوكات «القائد الفذ الناجح»، لأن البعض يعتقد بقدرته على صنع التغيير السريع وصنع الأثر المرجو في فترة زمنية ما، وهو في الوقت ذاته إنما «يُدير فقط» أسلوباً مُعيناً يعتقده صائباً في كسب القلوب وإرضاء من حوله.

من يفهم معاني «القيادة» لا بد أن يفهم نفسه جيداً، ويفهم أن خبرته الناضجة ورؤيته الثاقبة للأمور، والقيم التي تعلمها، والمهارات التي اكتسبها في أيام حياته، إنما هي المحك الأساسي في قدرته على قيادة الحياة بأسرها. فنون القيادة لا تؤخذ من أمهات الكتب، إنما تكتسب مع الأيام و من نضج الأيام. وهي التي تصنع كفاءة النفس والحياة وصنع بيئة خصبة مُنتجة تتوارث معها الخبرات، بشرط وجود عقليات تعي كيف تتعامل مع متغيرات الأيام، وكيف تتعامل مع أسلوب القيادة الحديث.

«خبراء الحياة» هم من يتصدرون عادة قوائم التغيير وصنع الإستراتيجيات وترتيب سلم الأولويات، وهم من لهم الشأن الكبير في تنفيذ البرامج المعنية بتطوير شؤون الحياة. جميلة جداً تلك الفصول التي نصوغ فيها سطور الحكمة والخبرة وننقلها للأجيال من أجل توارث الخبرات ومن ثم المساهمة في تحسينها وإضافات لمسات شبابية ناضجة عليها. نبحث عن «خبراء الأيام» الذين تشربوا كل معاني الحياة، وعملوا بصدق وإحسان في مساحات حياتهم، ومرت عليهم تلك الظروف القاسية التي استطاعوا التعامل معها بحكمة، ومعالجة مواضع الخلل فيها. نحتاج إليهم في كل موضع عاشوا فيه بحب وصنعوا فيه التغيير، ولم يكونوا يوماً ما أبطالاً للمقاعد الفارغة.


هناك ثلة من القلوب الصادقة المُحبة لك، لم تفكر يوماً ما بالابتعاد عنك، ولا أن تكون حجر عثرة في مسير حياتك، ولا أن تتحدث عنك بسوء في غيبتك. قلوب تُقدر عطاء حياتك، وتبتغيك دائماً سنداً لها في ملمات الحياة. هي من تمد يدها إليك لتسير معك في جنبات الخير وفي خدمة الإنسانية وخدمة أحباب الرحمن. لا يهمها ما يحدث من عثرات، بقدر ما يهمها أنها كتبت معك أجمل اللحظات في يوم ما، ولا بد من أن تواصل معك المسير بنفس الحيوية المُفعمة وبنفس المحبة الصادقة وبطاقة أكبر من أجل صنع الخير في الإنسانية جمعاء. قلوب رحيمة تعتز بصحبتك، وتلبس ثوب الوفاء في كل معاملتها معك تقديراً لتاريخ خصب من العطاء.

هي تعرف من أنت، وأنت تعرف كيف ترد لها الخير وتتبادل معها المحبة من أجل إرضاء المولى الكريم والثواب الجزيل منه. هذه هي القلوب التي تحافظ عليها وتعتز بصحبتها والتفاعل معها في أيام الحياة، فهي القلوب الراضية الصادقة التي لم تضرك يوماً ما، وهي القلوب التي تواصل معها إنجاز محطات الخير وإن كبرت الأعمار، ولكن كبرت معها الأحلام والآمال، فثلة الخير إنما يلتقون دائماً على صعيد المحبة والإنجاز، دون إرضاء للبشر، ودون الالتفات لأحكامهم الساذجة.

ومضة أمل
لن ننساكِ يا غزة.. قلوبنا في كل لحظة تتألم من مشاهد الأسى التي تعيشها كل مساحاتك. كان الله في عونكم.. اللهم فرجاً قريباً لهم يا رب.