الرأي

عندما تكتمل الصورة

عندما تكتمل صورة ذلك الحلم الجميل الذي لطالما عملت من أجله ورسمت أهدافه بكل إتقان، ومرت السنوات الطوال وأنت تترقب تحقيقه والوصول إلى "صورة جميلة" يحق لك أن تفخر بها. عندما تكتمل هذه الصورة فأنت حينها تصفق فرحاً بهذا الإنجاز الذي لم يتحقق جزافاً بقدر ما هو توفيق ورعاية من المولى الكريم، ورزق جميل من أرزاق الحياة. حينها لن تقف مكتوف اليدين لينتهي دورك، بل ستكون على موعد لانطلاقة جديدة تستكمل بها بقية الصور وتترقب القادم الجميل الذي تأمل أن يتحقق، داعياً المولى القدير أن يُبارك في الأعمار والعافية، ويجعلها أيام خير وتوفيق وسعادة وإنجاز وأثر جميل من صور الحياة المُتعددة.
عندما تتأمل صورة الابن الصغير الذي نشأ وهو ينشد التميز في المجال الذي يُحبه، وينشد السير في طريق يهواه، طريق الخير والسعادة والسلام وعشق تميز الحياة، فإنك حينها تترقب صورته تكتمل عندما يبزغ نجمه في سماء الخير، وها هو قد كبُر وكبُرت أحلامه، وتعددت مواقف الحياة ليكون معها أكثر نضجاً في تشكيل قناعاته ورؤاه. أنت حينها تحتضن تلك الصورة البريئة وتحتضن حلم التميز الذي بدأ يتحقق، وتبقت بعض الملامح البسيطة التي ستكشف سر عشق التميز والعطاء، والتي إن تحققت أضحى ذلك الفتى يسير بين الجنبات يتحدث بالخير وبقصص التميز، وينشر سيرة العطاء، ويرد الجميل بحياة أكثر حيوية واستقراراً وأثراً جميلاً. هكذا كنا مع كل صورة التقطناها في حياتنا، وهكذا نتمناها لكل من نحب، وقد عملنا بأن نكون معها نساندهم ليعشقوا الخير ويتلذذوا بنكهة السعادة والسلام الداخلي.
إن ابتغيت أن تكون نجماً بارعاً بارزاً في سماء العمل الإنساني، فإنك حينها تحرص على تشكيل صورة متميزة في ملامحها وألوانها، فأنت حينها تدير نفسك قبل الآخرين، وتدير مشاعرك وسلامك الداخلي، وتدير فكرك الذي نضج بعد سلسلة ممتدة من خبرات الحياة الكثيرة، ومن محطات العطاء المتعددة. إن أردت أن تواصل نجاحاتك وتصل إلى غاياتك ومُرادك، فإنك حينها مطالب بتجاوز العديد من العراقيل، والتخلي عن العديد من تراكمات الأيام، وانتهاج منهج جديد في إدارة الأحداث، لأن اليوم ليس كالأمس، والغد ليس كاليوم، تتغير ظروفه ويتبدل أفراده، وتصطدم حينها بسلسلة من الرؤى الحياتية والإدارية الغريبة التي لم تعتد عليها، ولم يدر في خلدك يوماً ما أن تكون هكذا مع التغير الملحوظ الذي يشهده الكون بأسره. إن أردت أن تتحدث عن ملامح صورتك التي أردت أن تكتمل قريباً في مشوارك، فإنه ينبغي لك أن تعود إلى قوّتك المعهودة، وتستمر في إنجازك وتستثمر قدراتك، ولا تتنازل بأي حال من الأحوال عن مشروعاتك وأفكارك التي لربما لم تعد صالحة في محطة ما اليوم، ولكنها صالحة في عطاء الحياة والبشرية جمعاء، وفي استخلاف المولى الكريم لك في هذه الأرض البسيطة. ليست الصورة الإنسانية بأن تكون شاذاً بفكرك عن الآخرين، ولا أن تكون غضوباً ساخطاً من أحوال الحياة، ولا مُتردداً من قراراتك، وإنما صورتك الإنسانية البسيطة هي ذلك القلب الصافي النقي، وسلامك المعهود، وتجاوزك لرعونة بعض البشر، وتقبلك بالواقع الذي تعيشه، وتكيفك مع إفرازات محطة جديدة تغير أثرها كلياً وأضحت تتحدث عن سراب مجهول. صورتك الإنسانية عندما تكتمل لديك صورة موازنات الحياة، وتحقق غيث العطاء. نعم الغيث الذي سيكون بداية لاكتمال الصورة الإنسانية الجميلة التي التقطتها منذ الصغر، وحان وقت اكتمال بدرها، وهي الصورة التي أيقنت اليوم أنها أساس الإنجاز الذي يجب أن تستثمر فيه طاقتك وفكرك ونضج حياتك وخبرتك التي بلغت الآفاق وآن أوان تقديرها، فهي تمثل الخير وأثر الحياة لأجيال ستأتي. هنا تستحق هذه الصورة أن تعطيها جهدك وهو الأولى في عطاء سماء الإنسانية، فلا تستثقل الخطى، وسارع لتكون النجم البارع الذي عهدناك، وحتى تستفيد منك أجيال الحياة. فالفرصة لا تتكرر، وأيام العمر تتسارع، وحان الأوان لتقول كلمتك التي تكتبها في كل فصل من مسير حياتك.
تكتمل صورتك عندما تتحرر من آلام الماضي، وتتحرر من أوهام الحياة، وتتحرر من كل عقد الأيام، فلا تنتبه إلا لنفسك، لأنها المُكلفة بأن تكون الحصان الماهر في سباق العمر، حتى تصل إلى غايتك الجميلة، وتحقق رضا المولى الكريم. عندما نثق أكثر بقدراتنا، وتتساقط تلك الأسماء الرنّانة من مسيرنا والتي أوهمتنا بمحبتها وبذلنا أوقاتاً فارغة في التفكير في علاقاتها، فنحن حينها قد استطعنا أن نضع أقدامنا على المحطة الأجمل. بها نفخر بذواتنا وثقتنا بأنفسنا، ونهزم بقوّتنا تلك السلبية المقيتة التي بنيت في طريقنا، وتلك الانهزامية التي توّلدت في نفوسنا في سالف الأيام. حينها ستكون ابتسامتنا المؤثرة هي الخالدة في الحياة وسيصفق لنا الجميع.
ومضة أمل
سعادتنا برزق جميل ساقه المولى إلينا، وبقدر جميل كُتب في مسيرنا، فهو الخير لنا.