الرأي

عندما نتحدث عن الصحافة

ليس من السهل أن يتحدث الإنسان عن مهنته، فهو وإن حاول الاختصار، سيسهب في رواية تفاصيلها، ومنح الانطباع الكامل عنها، وعن كل ما فيها من إيجابيات وسلبيات وفرص وتحديات وغيرها العشرات من الأمور.
وأنا شخصياً، أجد نفسي عاجزة عن اختصار ما تعنيه لي الصحافة، والإعلام، بعد أكثر من ثلاثة عقود من العمل بهذه المهنة النبيلة، وأروقتها المتشابكة، والتي رغم صعوبتها، يجد من يعمل بها اللذة الكاملة، ولا يفقد شغفه بتاتاً.
ما يميز الصحفي هو أنه ليس موظفاً بالمهنة كباقي الوظائف، فهو يتشرب الصحافة لتصبح هي حياته، وليست جزءاً منها، فالصحفي يعمل على مدار الساعة وهو مستمتع بما يقوم به، ولا يعرف معنى الإجازة التي يعيشها الآخرون، حيث لا ينفصل عن عمله حتى خلال إجازته.
ويصبح كل همه، هو البحث عن المعلومة، وما وراء الخبر، والتحليل الخاص به، وكيفية تناوله، وما هي تأثيراته السلبية أو الإيجابية على المجتمع، وكل القطاعات الأخرى، ويعيش في هذا الأمر بشكل مستمر ودون توقف.
وهنا.. قبل أن أستمر في السرد، أود أن أنوه للقراء الكرام، بأن الصحفي الذي أتحدث عنه، هو ابن المهنة الحقيقي، وليس البعض من مشاهير الصدفة، الذين يطلقون على أنفسهم مسمى إعلاميين أو صحافيين زوراً وبهتاناً، ولا يمتون لهذه المهنة بصلة.. وللأسف يسيئون إلى كل ما بناه الجيل السابق والحاضر لتحمل الصحافة لقب صاحبة الجلالة السلطة الرابعة.
الصحفي دائماً ما يضع مصلحته الشخصية في آخر الاعتبارات، أو لا يقيم لها وزناً من الأساس.. فهو يبحث عن المصلحة العامة سواء لوطنه أو لمجتمعه أو غيرها العشرات من الاعتبارات الأخلاقية والمهنية والوطنية والدينية وغيرها.
ويفرح الصحفي حينما يكتب خبراً يؤدي إلى التغيير أو التحسين أو التطوير، ويجد أن انتقاده أدى إلى نتيجة ترضي المجتمع، أو ترفع راية الوطن، ويكون سعيداً جداً، حينما يدافع عن وطنه، وعن ثوابته التي لا مناص منها.
وفي خلال مسيرتي.. دارت المئات من الحوارات مع الزملاء الصحفيين، حول المهنة.. وما نحتاجه فيها.. وحقيقة، كانت الإجابات تدور في فلك أهمية الخطاب الصحفي الذي يخدم أمن واستقرار وطننا الغالي، أو التعاون الأكبر ما بين السلطة التنفيذية والسلطة الرابعة المتمثلة في الصحافة فجميع السلطات تعمل بكل وفاء من أجل بناء بحريننا الغالية، ونادراً ما يتطرق الزملاء إلى الأمور المادية، أو رفع الرواتب، رغم أن البعض منهم بالكاد يستطيع أن يكمل الشهر بدخله المنخفض، ولكن هم المهنة كان لديه أكبر. والجميع يعلم أن رواتب الصحفيين مرتبطة بسوق الإعلان الذي يواجه اليوم تحديات كبيرة فالصحافة الصادقة ليست للبيع وخسارة إعلان أرحم من بيع مساحة من أجل المال ولهذا سميت الصحافة بالسلطة الرابعة والراعي الأول لحرية الصحافة هو حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، مليكنا الذي يعبر عن تقديره للصحافة في كل مناسبة كشريك أساسي في بناء الوطن.
ولهذه الأسباب، وغيرها العشرات مما لا يتسع المقام لذكرها، نجد أن معظم الصحافيين من ذوي الدخل المتوسط أو المحدود حتى، ولم يجنوا من وراء مهنتهم بعد سنوات طويلة من العمل بها الأموال الطائلة، أو حتى المناصب الكبيرة، فهي في آخر اهتماماتهم، وكل ما يبحثون عنه هو الأفضل لمهنتهم.
فتحية إكبار وإجلال وتقدير لكافة الصحافيين في مملكة البحرين، الذين ضربوا أروع الأمثلة في الالتزام والمهنية والمصداقية، وكانوا دوماً الباحثين وراء المهنة، ووراء الحقيقة، وكل ما من شأنه رفعة بلدهم ومجتمعهم وتطويره وتحسينه.. وأخيراً وبمناسبة يوم الصحافة البحرينية.. كل عام وجميع زملائي وأصدقائي أصحاب الأقلام والأصوات الوطنية بخير وفي القمة وهم يدافعون عن هذه الأرض الغالية.