الرأي

الأخلاقيّات تتفوق على القدرات

من الذكاء الإداري أن ترتكز أي منظومة على جهود وعمل فريق قوي مؤهّل وقادر على تحمل المسؤولية، ويمكن الرهان عليه لتحقيق النجاح.

وتبسيط الفكرة دائماً ما يكون بتشبيه السعي نحو التفوق والتألق والاستمرار فيه، بذات الأسلوب الذي تتبعه فرق كرة القدم العريقة، إذ إنجازاتها التي تحققها لا بد أن يكون السبب فيها وجود إدارة فنية مميزة ولاعبين مهاريين وأقوياء.

لذلك نقول دائماً إن التميز الإداري ومخرجات العمل النموذجية لا يحققها إلا فريق يضم عناصر قوية يُعتمد عليها.

وهنا النصيحة الإدارية الثابتة لكل مسؤول هدفه تطوير قطاعه، وأن يجعله يعمل بطريقة صحيحة وأن يقضي على كل الأخطاء في العمل وما يرتبط بها من ضعف الإنتاجية والفشل في تحقيق الأهداف، أو حتى وجود حالات من الفَسَادين الإداري والمالي، بأن عليه إيجاد أكبر قدر ممكن من الأشخاص المؤهلين والأقوياء حوله.

صفات هؤلاء الأشخاص بسيطة، لكنها نادرة في زمننا هذا. إذ انطلاقاً من الوصف الذي شبهت به ابنة نبي الله شعيب، شبهت به سيدنا موسى عليه السلام، بأن «خير من استأجرت القوي الأمين»، فإن أول الصفات الهامة تتمثل بـ«الأمانة»، إذ كلما وجدت حولك أشخاصاً أمناء يمكنك أن تثق بهم، كلما كان العمل يتم كفريق واحد على قلب واحد ويثق كل شخص بالآخر، ولا يخشى المسؤول أن يكون أحدهم عنصر هدم أو شخصاً متقاعساً أو حتى شخصاً لديه نوايا أخرى غير مصلحة العمل.

والصفة الثانية هي «القوة»، ويُقصد بها من يملك الإمكانيات والصفات التي تجعله أهلا للمسؤولية وبلوغ الأهداف.

في حين أن هناك صفات للموظفين المثاليين يُنصح أي مسؤول بأن يبحث عنها في موظفيه قبل أن يُقرب بعضهم أو يمنح المسؤوليات لهم أو يعتمد عليهم بثقة شبه مطلقة.

من هذه الصفات: الجدية والالتزام، والتحلي بالأخلاق السوية، وأن يكون صاحب مبادئ وأخلاقيات، وفوق ذلك أن يكون شخصاً أميناً يحافظ على أسرار العمل، ولا يكون مصدراً لإثارة القلق والمشاكل ونقل الكلام.

نعم، الأخلاقيات أحياناً تتفوق على القدرات، إذ بعض مواقع العمل تُبتلى بنوعيات من الموظفين وكأنهم «زنابير» تحوم في كل الأروقة، متعتها نقل الكلام، أو بث الإشاعات، أو التأثير على نفسيات الآخرين، وهؤلاء هم السبب في إشاعة أجواء من الإحباط، أو إلهاء الموظفين عن أداء مهامهم، والكارثة لو كانت هذه النوعيات مقربة من موقع صناعة القرار، أو تتولى مسؤوليات هي ليست أهلاً لها.

لذلك يؤكد الإنجليز دائماً في أدبياتهم الإدارية على أهمية القيادة الذكية للقائد الذكي من ناحية اختيار الأشخاص المناسبين للعمل معه ومن يستحقون أن يُمنحوا الثقة، بالتالي إن أردت النجاح فعليك بالأشخاص الأقوياء الأمناء الذين لا يغشونك، والذين لا يدمرون أجواء العمل بسلوكات خاطئة، والذين إن منحوا مسؤولية أنجزوها بكل كفاءة واقتدار.

الإدارة فن، والإداري الذكي هو الذي يتقن هذا الفن المرتبط بإدارة البشر.