الرأي

قضية فلسطين ليست أبيض أو أسود

حبر أبيض



نكمل اليوم شهراً كاملاً من أكثر الأيام مأساوية على المستوى الإنساني، فمنذ السابع من أكتوبر لم يعد العالم كما كان أو كما كان يدعي، انتهى فصل الخديعة الكبرى التي مارستها أغلب الدول الغربية في سياستها تجاه العرب والمسلمين، اليوم تقف سياستهم في صف واحد فقط مهما كان وهو صف الشر.

النقطة الأولى هي المواقف المخزية في نفس الوقت، هنا لدينا دول وأفراد، دول أظهرت العداء وما في داخلها من غل وكره للعرب والمسلمين، فمهما كانت أفعال إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين تصر هذه الدول بأنه ردة فعل وحق «الدفاع عن النفس» وبحكم القانون الدولي، هذا القانون الذي لا يطبق إلا على البعض ويستثني البعض، وبكل أسف تظهر الإدارة الأمريكية والبريطانية والفرنسية لتصف الإبادة التي تمارس في غزة بأنه حق، وأنه لا يمكن السماح بوقف إطلاق النار وسقوط الأبرياء في هذه الحرب حيث تتحمله الفصائل الفلسطينية لا من يلقي أقوى وأحدث أنواع القنابل والأسلحة.

والثانية ضياع البعض بين الحق والباطل، وكأن الحق غائب ولا يمكن إدراكه، اليوم لا مجال للمجاملة أو الوقوف في وضع الحياد، فما يجري من إبادة وظلم ليس لفئة معينة بل أمر معني فيه كل العرب والمسلمين، لا يمكن ويستحيل اليوم أن نكون في موقف ثالث، موقفنا هو الحق، والحق أن هناك شعباً يباد شعب يعيش ويتجرع الظلم منذ 75 عاماً.

لم تبدأ هذه الحرب قبل شهر بل هي سنوات وسنوات من تهجير وقتل وأسر، يمارس فيها أبشع أنواع الظلم والجبروت بمباركة غربية الراعي الرسمي لهذا الظلم، فكيف للبعض أن يقف عند نقطة أن السابع من أكتوبر هو سبب الشرارة وأن الفصائل الفلسطينية هي السبب؟! كيف لأي عاقل أن يتناسى تاريخاً طويلاً من المجازر والتهجير ويتعلق بيوم، ألم يكن من الأحرى علينا أن نسمي الرد الفلسطيني «بالدفاع عن النفس» وحق الرد.

صور ومشاهد مئات الأطفال القتلى يجب أن تكون كافية لتهز وتذيب أكثر القلوب قساوة، واقعياً لم يشهد العالم مجزرة بهذه الوحشية والطغيان منذ الحرب العالمية الثانية، كل ترسانات العالم تجتمع بأيدي الصهاينة لتبطش بشعب محروم من أبسط أساسيات الحياة، ومع ذلك هناك من يلومهم.

قضية فلسطين لا يمكن أن تكون بالنسبة لنا «أسود أو أبيض»، بل هو موقف واحد ولون واحد بأننا مع إخواننا في فلسطين وأن قضيتهم قضيتنا فنحن معهم ضد ما يتعرضون له من ظلم وضد من يقف مع الظالم، فغدا لن يكون هناك تبرير عن كلمة قيلت ظلماً أو لفعل متخاذل، لأن لا أمم متحدة في هذا اليوم ولا مجلس الأمن، بل الحق سبحانه هو من يحكم وحكمه العدل.