الرأي

حملة إغاثة غزة.. وموقف البحرين وشعبها

اتجاهات

بغض النظر عن كل التفاصيل وكل الملابسات وكل ما يمكن أن يقال في إطار التحليل والبناء على معطيات الماضي والحاضر، تظل فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى، ويظل شعبها جزءاً من الأمتين العربية والإسلامية، شعب شقيق لا يمكن القبول بأن نراه يُقتل ويُعذب ويُحاصر في أرضه دون أن تتحرك خلية واحدة في جسدك ترفض وتنتقد وتشجب هذا العدوان السافر، إذ متى كنا نقبل بأن يكون الدم العربي والمسلم هدره مباح؟!

ملكنا المعظم حفظه الله في خطابه أمام القمة العربية العاجلة في القاهرة التي عقدت لأجل فلسطين وشعبها، شدد على أن قضيتنا الثابتة هي فلسطين، وأن عملية تهجير أشقائنا مرفوضة من أرضهم وأرض أجدادهم، وأن التصعيد العسكري لا بد أن يتوقف، وأن السلام لا بد من سيادته وأن ينعم الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة بحسب ما تنص عليه القرارات الدولية.

في الوقت نفسه وصلت الحملة البحرينية لإغاثة غزة إلى جمع مبلغ يفوق الـ16 مليون دولار، وسيزيد هذا الرقم بالتأكيد، في عملية تؤكد تضامن مملكة البحرين وقيادتها وشعبها مع فلسطين، والتشديد على ضرورة فتح ممرات آمنة لإدخال الإغاثات والمعونات لأشقائنا، فما يحصل لهم حصار مقصود، مع استهداف بالقتل والدمار والإبادة.

جلالة الملك حفظه الله وجه بتخصيص 8.5 ملايين دولار لدعم الحملة، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله تبرع للحملة بنصف مليون دينار، وتوالت الإسهامات سواء من القطاع الخاص وصولاً إلى الأفراد، وكل من يقدر على دعم إخواننا المكلومين المحاصرين بما يقدر عليه.

ما يحصل خلال هذه الأيام يكشف لنا حقيقة النوايا، إذ لا يوجد إنسان سوي عاقل يقبل استهداف الأبرياء، وديننا أصلاً لم يدعُ إلى ذلك، بل الدعوة بأن قاتلوهم بمثل ما قاتلوكم به، لكن أن يتم استغلال الأمر برمته من قبل القوات الإسرائيلية تحت ذريعة رد الهجوم، بأن يُستهدف المدنيون الأبرياء ويقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتتم محاصرة شعب بريء لا يريد إلا العيش في أرضه بسلام، فهنا على من يحاول دعم إسرائيل والتبرير لها فيما تفعله من إبادة، عليه أن يُعرف نفسه بشخص أو كيان أو جهة داعمة لـ«جرائم الحرب ضد الإنسانية»، جهة «تُشرعن القتل» إن كان بحق من تكرهه وتعاديه وتقبل بسلب حقه، في المقابل تدافع عن الجلاد وتدعوه إلى إسقاط المزيد من الضحايا.

ما فعلته إسرائيل سيصفق له من يدعم توسعها في فلسطين طيلة هذه العقود، لكن من يرى بعين الإنصاف والعدالة والإنسانية ستجدونه يتحدث بكل تلقائية، هذا شعب سُلبت حقوقه، وقُتل أطفاله ونساؤه وشيوخه، وحينما يدافع عن نفسه يصورونه كأنه إرهابي. ولست أتحدث عن التنظيمات المسلحة هنا، بل ارجعوا إلى الوراء عدة عقود لتعرفوا كيف كان الأطفال الذين يرمون الحجارة يصفونهم بـ«إرهابيين»! نعم طفل يمسك حجراً في مواجهة دبابة أو جندي مدجج بالأسلحة، ويكتب تحت الصورة «الإرهاب الفلسطيني».

ما يحصل إن استمر وأسقط مزيداً من الشهداء هو «وصمة عار» جديدة، بل أكبر وصمة في حق العالم الذي يعرف أن ما يراه «جرائم حرب» و«إبادة» و«فصل عنصري» و«تهجير» و«تعذيب»، وفي الوقت نفسه لا يمكنه إلزام هذا النظام الذي لا يتورع عن استخدام القتل وكل وسائل الموت، لا يمكنه إلزامه حتى باحترام قرارات الشرعية الدولية أو الاكتراث بالنداءات الإنسانية دفاعاً عمن يموتون على أرضهم التي سرقت منهم.

تخيلوا جثث الأطفال ومنظرها والبشاعة في القتل والتصفية، وبعد كل هذا يأتي من يدعم هذه الوحشية ويبرر لها.

شكراً للبحرين قيادةً وشعباً على الوقوف مع الشعب الفلسطيني ودعمه وإغاثته، هذا الشعب الذي ندعو الله أن ينصره ويحفظه ويعيد له حقوقه المسلوبة.