على عتبات ثورة قضائية
الخميس 28 / 09 / 2023
تبدأ المحاكم يوم عملها الاعتيادي بأكثر من مشهد، لعل أبرزه مشهد المحامي الذي يحمل حقيبة منتفخة بالأوراق، وهو يسير على عجلة من أمره ليدخل إلى مجلس القاضي ويبدأ في استخراج الأوراق واحدة تلو الأخرى بينما يختفي بعضها بين الأخريات فيرتبك باحثاً عنها.
هذه هي الصورة النمطية العالقة في أذهاننا عن المحاكم والمحامين والتي صنعتها المسلسلات والأفلام وهي تجسد الواقع المبني على البيروقراطية في عمل المحاكم، لكن كيف بالصورة وهي تتغير إلى محامٍ لا يتحرك من مكتبه، بل يجلس أمام شاشة عالية الوضوح بينما ذهبت قضيته إلى قاضٍ مختلف تماماً عن القضاة الذين نعرفهم، فالقاضي الجديد ما هو إلا برنامج ذكاء اصطناعي مسلح بمئات آلاف البيانات، قادر على تحليلها واستخلاص ما فيها خلال ثوانٍ قليلة متخذاً بعدها قراره؛ تجربة جديدة لا نعرف كيف سيكون شعور المحامي فيها، ليس هذا ضرباً من الخيال العلمي، إنما هو حقيقة ممكنة التطبيق فوراً، خصوصاً أن الذكاء الاصطناعي مستخدم بالفعل في كثير من المحاكم، لا سيما في مهام تحليل البيانات وتنظيم المستندات وأكثر من ذلك فهو يعمل على تقييم القضايا وعند مكاتب المحامين مستخدماً في تقييم إمكانية نجاح القضايا.
مع تطور الذكاء الاصطناعي ظهر القضاء الإلكتروني المحمل بآلاف القضايا السابقة وأحكامها وهو يقارن ويحلل تلك البيانات ويصدر أحكامه خلال ثوانٍ، ليزيد من سرعة الإجراءات ودقة الأحكام، فيقدم هذا النوع من المحاكم حلا لتقليل كلفة القضاء ويتجاوز التحديات التي تعترض طريق السلطة القضائية، لكن هل هذا النوع من القضاء موثوق به وبقراراته فهو يعمل بدون العامل البشري؟ سؤال مثير للجدل وجوابه له أكثر من وجه، فمن ناحية؛ هذا النوع من القضاء يضمن الحيادية والموضوعية فهو لا يعرف التحيز، لكن من ناحية أخرى كيف نضمن تلقينه وتغذيته بالبيانات وتدريبه على إصدار الأحكام فهو أمر معتمد بالكامل على البشر المعرضين للخطأ والانحياز.
بشكل عام نحن على أعتاب ثورة قضائية سمتها الرئيسية الذكاء الاصطناعي، والمحاكم الإلكترونية العاملة بالذكاء الاصطناعي قادمة ولا مفر منها، لكن لا بد من التوجه نحوها بحذر لضمان تحقيق العدل، وفي الوقت الحالي تعد فرصة رائعة لتوجيه القضاة ومساعدتهم لاتخاذ القرار الصحيح بعد أن تحلل كل البيانات المتعلقة بالقضية وبيانات القضايا الأخرى المشابهة، فهذه أنظمة لا مكان للعواطف فيها، أما إذا تم الاعتماد عليها بالكامل دون مراجعة لأحكامها فسينتهي الأمر بنظام قضائي بعيد عن الإنسانية تماماً.
بالنسبة لنظامنا أعتقد أن المحاكم الإلكترونية القائمة على الذكاء الاصطناعي قادمة لا محالة، لكنها ستكون في إطار الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، وسيبقى العنصر البشري أساسياً في عمل القضاء والمتمثل بالمحامي والادعاء العام والقاضي، لكنه سيكون عنصراً بشرياً بمهارات تتلاءم وطبيعة التطورات التكنولوجية الحديثة.
عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية
هذه هي الصورة النمطية العالقة في أذهاننا عن المحاكم والمحامين والتي صنعتها المسلسلات والأفلام وهي تجسد الواقع المبني على البيروقراطية في عمل المحاكم، لكن كيف بالصورة وهي تتغير إلى محامٍ لا يتحرك من مكتبه، بل يجلس أمام شاشة عالية الوضوح بينما ذهبت قضيته إلى قاضٍ مختلف تماماً عن القضاة الذين نعرفهم، فالقاضي الجديد ما هو إلا برنامج ذكاء اصطناعي مسلح بمئات آلاف البيانات، قادر على تحليلها واستخلاص ما فيها خلال ثوانٍ قليلة متخذاً بعدها قراره؛ تجربة جديدة لا نعرف كيف سيكون شعور المحامي فيها، ليس هذا ضرباً من الخيال العلمي، إنما هو حقيقة ممكنة التطبيق فوراً، خصوصاً أن الذكاء الاصطناعي مستخدم بالفعل في كثير من المحاكم، لا سيما في مهام تحليل البيانات وتنظيم المستندات وأكثر من ذلك فهو يعمل على تقييم القضايا وعند مكاتب المحامين مستخدماً في تقييم إمكانية نجاح القضايا.
مع تطور الذكاء الاصطناعي ظهر القضاء الإلكتروني المحمل بآلاف القضايا السابقة وأحكامها وهو يقارن ويحلل تلك البيانات ويصدر أحكامه خلال ثوانٍ، ليزيد من سرعة الإجراءات ودقة الأحكام، فيقدم هذا النوع من المحاكم حلا لتقليل كلفة القضاء ويتجاوز التحديات التي تعترض طريق السلطة القضائية، لكن هل هذا النوع من القضاء موثوق به وبقراراته فهو يعمل بدون العامل البشري؟ سؤال مثير للجدل وجوابه له أكثر من وجه، فمن ناحية؛ هذا النوع من القضاء يضمن الحيادية والموضوعية فهو لا يعرف التحيز، لكن من ناحية أخرى كيف نضمن تلقينه وتغذيته بالبيانات وتدريبه على إصدار الأحكام فهو أمر معتمد بالكامل على البشر المعرضين للخطأ والانحياز.
بشكل عام نحن على أعتاب ثورة قضائية سمتها الرئيسية الذكاء الاصطناعي، والمحاكم الإلكترونية العاملة بالذكاء الاصطناعي قادمة ولا مفر منها، لكن لا بد من التوجه نحوها بحذر لضمان تحقيق العدل، وفي الوقت الحالي تعد فرصة رائعة لتوجيه القضاة ومساعدتهم لاتخاذ القرار الصحيح بعد أن تحلل كل البيانات المتعلقة بالقضية وبيانات القضايا الأخرى المشابهة، فهذه أنظمة لا مكان للعواطف فيها، أما إذا تم الاعتماد عليها بالكامل دون مراجعة لأحكامها فسينتهي الأمر بنظام قضائي بعيد عن الإنسانية تماماً.
بالنسبة لنظامنا أعتقد أن المحاكم الإلكترونية القائمة على الذكاء الاصطناعي قادمة لا محالة، لكنها ستكون في إطار الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، وسيبقى العنصر البشري أساسياً في عمل القضاء والمتمثل بالمحامي والادعاء العام والقاضي، لكنه سيكون عنصراً بشرياً بمهارات تتلاءم وطبيعة التطورات التكنولوجية الحديثة.
عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية