رقعة الشطرنج الكبيرة
أ.د. فراس محمد شرق وغرب
الخميس 21 / 09 / 2023
ها هي لعبة الشطرنج قد بدأت، المشهد الأول فيها ظهور قطع الشطرنج على الرقعة متراصفة مستقيمة، لكن ما هي إلا لحظات حتى تغير المشهد بنقل أول حجر جندي من مكانه إلى آخر، ليعقبه حركة حجر آخر فيتغير المشهد في لحظات من منتظم إلى شبه مبعثر، ثم مبعثر بالكامل، وخلال تنقلات تلك الأحجار يتساقط بعضها ليكون خارج المشهد، أكثر الأحجار تسقط عن سبق دراية وخبرة من محركها الذي يضحّي بها ويتنازل عنها وهو في طريقه إلى الفوز في نهاية اللعبة.
هكذا هي اللعبة في السياسة أيضاً، بل في الحياة عموماً، تقديم التنازلات أمر حتمي لابد منه، فالتنازل في كثير من الأحيان ليس ضعفاً وانكساراً، إنما هو استراتيجية للوصول إلى مكاسب كبيرة في المستقبل، نحققها عندما نحسن تقييم الواقع، ونتقبل حقيقة أن بعض المعارك غير جديرة بالقتال، وأن التنازلات نقدمها لنحافظ على ما هو أكبر قيمة منها، لاسيما في مواقف؛ التصلب والتصعيد فيها لا يخدم أي طرف، على عكس التنازل الذي يمكن أن يفتح مجالاً للقاء والحوار ثم الوصول إلى نقطة تفاهم.
قد تبدو كثير من المشاهد السياسية لعامة الناس كأنها خطوة إلى الوراء، لما تحمله من تنازلات، لكنها في حقيقة الأمر وعلى المدى البعيد خطوة أو أكثر إلى الأمام، وفرصة للوصول إلى طرق جديدة تنتهي بتحقيق الأهداف، خصوصاً إذا كانت التنازلات المقدمة عبارة عن مصالح صغيرة، أملاً في الحصول على مكاسب أكبر، ففي دروب السياسة المعتمة، يمكن أن تكون التنازلات مشاعل لإضاءة الدرب، ووسيلة لإيجاد فرص للحوار، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، فهو يحتاج إلى حنكة ودراية بمآلات الأمور، فلا تؤدي كل التنازلات إلى مكاسب، كما لا يمكن أن تنجح كل التنازلات، فالفشل وارد في كل الأمور، وكل ما على السياسي فعله هو تعلم لماذا ولمن وكيف ومتى يكون التنازل، المهم أن عدم التنازل يجب ألا يكون مبدأ من جملة المبادئ والثوابت التي لا يمكن التخلي عنها، لأن التنازل في الواقع وسيلة ممتازة لبناء العلاقات وفتح آفاق التفاوض وتحقيق الاستقرار، وفي هذا السياق تحضرني مقولة لاو تزو الفيلسوف الصيني «الذين يتنازلون يحققون ما يريدون» وعلى الرغم من أن هذه المقولة لا يمكن حملها على المطلق، لكنها تحمل حقيقة لا يمكن إنكارها.
ختاماً، نحن أمام قاعدة واضحة وبسيطة، «لا تتوقع الفوز دوماً دون تقديم تنازلات وتضحيات ببعض ما لديك» هكذا هي لعبة الشطرنج التي لابد وأن تضحّي ببعض أحجارها لتفوز، وهكذا هي الحياة، وهذه سياسة التنازلات في لعبة السياسة.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية drfiras13@gmail.com
@drfmim
هكذا هي اللعبة في السياسة أيضاً، بل في الحياة عموماً، تقديم التنازلات أمر حتمي لابد منه، فالتنازل في كثير من الأحيان ليس ضعفاً وانكساراً، إنما هو استراتيجية للوصول إلى مكاسب كبيرة في المستقبل، نحققها عندما نحسن تقييم الواقع، ونتقبل حقيقة أن بعض المعارك غير جديرة بالقتال، وأن التنازلات نقدمها لنحافظ على ما هو أكبر قيمة منها، لاسيما في مواقف؛ التصلب والتصعيد فيها لا يخدم أي طرف، على عكس التنازل الذي يمكن أن يفتح مجالاً للقاء والحوار ثم الوصول إلى نقطة تفاهم.
قد تبدو كثير من المشاهد السياسية لعامة الناس كأنها خطوة إلى الوراء، لما تحمله من تنازلات، لكنها في حقيقة الأمر وعلى المدى البعيد خطوة أو أكثر إلى الأمام، وفرصة للوصول إلى طرق جديدة تنتهي بتحقيق الأهداف، خصوصاً إذا كانت التنازلات المقدمة عبارة عن مصالح صغيرة، أملاً في الحصول على مكاسب أكبر، ففي دروب السياسة المعتمة، يمكن أن تكون التنازلات مشاعل لإضاءة الدرب، ووسيلة لإيجاد فرص للحوار، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، فهو يحتاج إلى حنكة ودراية بمآلات الأمور، فلا تؤدي كل التنازلات إلى مكاسب، كما لا يمكن أن تنجح كل التنازلات، فالفشل وارد في كل الأمور، وكل ما على السياسي فعله هو تعلم لماذا ولمن وكيف ومتى يكون التنازل، المهم أن عدم التنازل يجب ألا يكون مبدأ من جملة المبادئ والثوابت التي لا يمكن التخلي عنها، لأن التنازل في الواقع وسيلة ممتازة لبناء العلاقات وفتح آفاق التفاوض وتحقيق الاستقرار، وفي هذا السياق تحضرني مقولة لاو تزو الفيلسوف الصيني «الذين يتنازلون يحققون ما يريدون» وعلى الرغم من أن هذه المقولة لا يمكن حملها على المطلق، لكنها تحمل حقيقة لا يمكن إنكارها.
ختاماً، نحن أمام قاعدة واضحة وبسيطة، «لا تتوقع الفوز دوماً دون تقديم تنازلات وتضحيات ببعض ما لديك» هكذا هي لعبة الشطرنج التي لابد وأن تضحّي ببعض أحجارها لتفوز، وهكذا هي الحياة، وهذه سياسة التنازلات في لعبة السياسة.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية drfiras13@gmail.com
@drfmim