الرأي

المدارس والأسرة الحديثة

محمد درويش خارج السرب

بحسب تصريح وزير التربية والتعليم لوسائل الإعلام مؤخراً يبلغ عدد الملتحقين بالمدارس الحكومية 155 ألف طالب، والملتحقون بالمدارس الخاصة 90 ألفاً. الرقم كبير فعلاً ويظهر المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الوزارة ومنتسبيها وجميع الهيئات التعليمية في المدارس الخاصة والحكومية في توفير تجربة تعليمية وتربوية سليمة ومفيدة تنعكس إيجاباً على جيل المستقبل.

لكن ماذا عن دور الأسرة؟

في زمن يعمل فيه الأبوان ويقضيان جل وقتهما في الوظيفة والعمل تصبح مراجعة المستوى الدراسي وتحضير الدروس والواجبات للأبناء الصغار عملية مرهقة وتتطلب وقتاً ومجهودات مضاعفة لا يستطيع الأبوان القيام بها إلا نادراً. ليس ذلك فحسب فالتربية وهي توازي التعليم في الأهمية تواجه تحديات جمة هذه الأيام وتحديداً التربية في البيوت وما بعد ساعات المدرسة، وذلك بسبب انشغال الأبوين، ما يزيد اعتماد عدد كبير منهم على مصادر أخرى قد لا تكون مناسبة للتوجيه والتثقيف وغرس القيم في الجيل الجديد.

الأسرة الحديثة إمكاناتها المادية أفضل من أسرة الأجيال السابقة بحكم عمل الوالدين، لكنها في نفس الوقت تعاني من تواضع دورهما في التربية والتعليم وغرس القيم المفيدة في النشء.

قد يكون كلامي فيه شيء من التعميم، ولكنه في الواقع مبني على الملاحظة واستطلاع رأي عدد لا بأس به من الآباء والأمهات الذين لاحظت ترددهم في تحمل مسؤولية التربية بكل ما تحتاج من التزام ومتابعة وتفرغ. وأغلبهم يفضل أن تقوم المدرسة بهذا الدور أو أحياناً طاقم المربيات في البيت، وخاصة في الأسر ميسورة الحال.

وبعض الدراسات الغربية أيضاً تثبت هذا الطرح، ومن ضمنها دراسة لجامعة كاليفورنيا التي أظهرت أن أطفال الأبوين العاملين يتعرضون لنوبات قلق وخوف أكثر من غيرهم، ويكون تحصيلهم العلمي أقل من أقرانهم. كما نشرت مجلة «تطور الطفل» العلمية أن الأطفال الذين يعيشون في بيئة تضع أولوية للنجاح المادي يصبحون مثلها ويتطبعون بها فيعطون السعي وراء المادة أهمية أكبر من العلاقات الأسرية والاجتماعية.

وأرى أن تكريس الوقت لملاحقة الطموح الوظيفي والنجاح على صعيد العمل لدى الأبوين كثيراً ما ينعكس سلباً على تزويد الأبناء بأساسيات القيم الحميدة وتعزيزها وتنميتها وقد يكون ذا تأثير سلبي على التحصيل العلمي وكذلك حياتهم الأسرية والاجتماعية.