الرأي

تنظيف البلد أكثر من صعصعة

شاهدتُ الفيديو الذي صُوِّر لحملة «التنظيف» التي قامت بها أمانة العاصمة في شارع «صعصعة» في المنامة بعد التسجيل الذي قام به السائح الخليجي مشكوراً.

ما هذا؟ هل يُعقَل أنّ حجم المُصادَر من المخالفات مَلَأَ عربات النقل بهذا الشكل؟ إنه حجمٌ كبير جداً جداً على شارع صغير، إنما يدلُّك على حالة الاسترخاء التي كان ينعَمُ بها المخالفون، فقد احتلّوا الشارع بمعنى الكلمة، «بسطات» مُخالِفة وإقامات مُخالِفة وفواكه فاسدة تُعرَض بشكل مُقزِّز، سيارات النقل التي حملت المخالفات امتلأت، وإننا إذ نشكر أمانة العاصمة على هذه الحملة. إنما السؤال أين كنتم؟ أين كان مفتّشوكم؟ أين البلدية؟ أين الصّحة؟ لم يكن الأمر بالخفاء أو السّر إنما كانوا يخالفون عَلَناً وبأعداد كبيرة. والسؤال الأهم كم «صعصعة» موجود في مناطق أخرى؟

فصعصعة ليس هو الشارع الوحيد الحافل بالمخالفات التي كشفها السائح الخليجي، هناك أكثر من «صعصعة» في المحرق، في سترة، في جدحفص، في جدعلي، في توبلي، في المنامة، هذا في البَرّ ومثل صعصعة توجد مخالفاتٌ عديدة في البحر.

مخالفات بيئية وصحيّة وبلدية وأمنية، والدليل أعداد ضبط المخالفات المُعلن عنها والمُصرَّح بها من حملات التفتيش في الأشهر الماضية، ومِن بعد فيديو الخليجي انْظُر للشارع وقارِن.

يبدو أنه ليس التعليم وحده ما يحتاج إلى استنهاضٍ للهِمم، بل جميع تلك الجهات تحتاج إلى صَحوة كبيرة، وتحتاج إلى مُساعدة من وسائل التواصل الاجتماعي.. لِمَ لا؟

تخيَّلوا لو وضعنا حساباً على الإنستغرام لنشر المخالفات بجميع أنواعها البحرية والبيئية والصحيّة والبلدية والمرورية على أن تكون موثّقة بالتاريخ والوقت وتحديد المكان، وقلنا للنّاس ساعدونا في القضاء على المخالفات القانونية، صدّقوني حتى المخالفون سيُعيدون حساباتهم لأن المواطن هذه المرّة سيكون لهم بالمرصاد.

لِمَ لا نستعين بالمواطن كمفتّش؟ نطالبه بالتوثيق فقط ونشر المكان والزمان ونُساعد الجهات المختصّة؟ لِمَ لا تكون هناك مكافأة للتبليغ عن تلك المخالفات؟ لِمَ لا نُغلِّظ العقوبات حتى لا يكونَ هناك عَوْدٌ؟

عودة المخالفات تعني بالتأكيد أن الغرامات المفروضة أمرٌ بسيط حسب حساب المُخالِف، لهذا قام بفعله بجُرأة غير معهودة، لأنه يعرف «أقصاها»، جَرَّبَها من قبل، غرامة بسيطة يُعوِّضها سريعاً بالعودة والعمل من جديد، وإن بقينا هكذا فلن يُنظَّف البلد.

هذه دعوة إلى المسؤولين لعمل جولات ليليّة ليروا بأنفسهم أن هناك مجتمعاً مُوازياً يخرج من مخابئه يُمارس كل أنواع التجارة المشروع منها وغير المشروع. لنعترفْ أن البلد بحاجة لتنظيف بحملة وطنيّة شاملة فقط لوقف المخالفات القانونية.