الرأي

خدم المنازل وجديد الساعة وانتظار القادم

خبر أثار تفكير الكثير خوفاً وغضباً واستنكاراً، ليأتي بعدها طرح الكثير من التساؤلات التشريعية منها، وبعضها الحقوقية، وغيرها السياسية وأخرى الإنسانية، الخبرُ الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتأسيس «نقابةٍ عماليةٍ لخدمِ المنازل»، والذي حل الصمت والهدوء عند نشره للتأكد من صحته، لحين تحركت بعض الأقلام لطرح الآراء، وتحليل المضمون في مدى إمكانية مشروعية تأسيس نقابة عمالية لخدم المنازل، وآلية عملها، وكيفية تنفيذها وآثارها على الساحة الخدمية في المنازل، وخصوصيتها، والتي ستضع المنازل التي يعمل فيها عمالة منزلية تحت المجهر، وعلى منصة المراقبة كقنبلة موقوتة لها آثارها المستقبلية على المجتمع، وما يستجد من ظواهر قد تخرج على السطح من وراء هذا التحرك، وهذا الطرح الغريب في نوعه، وفي تأسيسه، وفي تنفيذه. أمرٌ محير، بغض النظر عن من وراء هذا التحرك في نشر هذا الخبر الذي جاء متزامناً مع تميز مملكة البحرين، وريادتها في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وترسيخ مكانتها الحقوقية الدولية المرموقة ضمن الفئة الأولى في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص للعام السادس على التوالي والذي يؤكد مدى حرص مملكة البحرين على الحقوق الإنسانية سواء كانت على المستوى العمالي، أو على المستوى الإنساني بما فيهم العمالة المنزلية التي تحصل على حقوقها كاملة بخلاف أي دولة أخرى، ومنها السماح للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين مع مؤسسة فريديش ايبرت بعقد عدد من المؤتمرات ومنها مؤتمر العام الماضي الذي أوصى بالمطالبة بنقابات مهنية للعمالة المنزلية واستبدال نظام الكفيل والتي لا تشكل هذه المطالبة نسبة من كم الحقوق والقوانين التي منحتها الدولة لتحمي هذه الفئة وتحفظ حقوقها.

مملكة البحرين أعطت حقوقاً للعمالة المنزلية، لكن هناك مخالفات سلوكية ومنها ظاهرة العمالة الهاربة والأوضاع التي تسعى الجهات المسؤولة إلى تصحيحها من خلال ما تم من إلغاء للفيزا المرنة وتكثيف المتابعة الأمنية للمخالفين الذين نشروا ظواهر لا تتناسب مع العادات والتقاليد في مملكة البحرين.

إن العمالة المنزلية لا تحتاج إلى نقابة فهناك العقود الثلاثية التي تضمن حقوقهم من السكن والمأكل والمشرب والإجازات المقررة والمستحقات المالية الملزمة والموقع عليها حتى أصبحوا متحكمين في شؤون منازلنا، وقادرين على التصرف للمطالبة بحقوقهم من خلال التواصل مع الجهات القانونية والدبلوماسية الجاهل منهم والمتعلم مع اختلاف لغاتهم وجنسياتهم من خلال الهواتف النقالة التي بحوزتهم، وبدليل إحدى الجاليات التي طالبت بالكثير وتوفر لها الأكثر وسار على نهجها بقية الجنسيات من العمالة المنزلية، كما هناك القوانين التي تعمل على حمايتهم في حال استغلالهم في أعمال إجرامية إذا كان هناك تجاوزات من عديمي الضمير.

إن تأسيس نقابة عمالية لخدم المنازل يعني وجود أعضاء فكيف سيتم اختيارهم من كم وعدد الجنسيات المختلفة من العمالة المنزلية؟ وهل سيتم دفع اشتراكهم من رواتبهم التي يوفرونها لأسرهم أم سيدفعها صاحب العمل؟ وكيف ستدار إدارياً ومالياً وتنفيذياً؟ هل سيتفرق الإداريون من خدم المنازل لشؤون النقابة وترك خدمة المنازل، وإن كان هدف هذه النقابة تثقيفياً فما هو دور مكاتب الاستقدام في بلادهم التي تقوم بدور كبير في تثقيفهم، وتوعويتهم، وتعليمهم بحقوقهم حيث أصبحوا أكثر وعياً عن ما سبق؟