الرأي

في العمل.. 'الراحمون يرحمهم الرحمن'

الحياة متقلبة، ولا يمكن أبدا أن يعيش الإنسان في سعادة أبدية أو حزن لا ينتهي؛ فالمرء يمر بمطبات الحياة ويواجه عقبات أحيانا تفوق تحمله وتصوره ويعيش في دوامة الحزن والألم، وهذا بالتأكيد سوف ينعكس على تطلعاته إلى الحياة وإنتاجه في العمل، ويكون جل تفكيره ومحوره في كيفية الخروج من المأزق الذي يمر به والعودة إلى الحياة الطبيعية لممارسة طقوسه اليومية من دون تعكير أو تفكير يسلبه صحته وراحته وفرحته.

قد يمر المرء بظروف صعبة يلم به شخصيا أو بأحد أفراد أسرته قد يكون عارضاً صحياً أو مرضاً عضالاً أو ضائقة مالية أو طلاقاً أو وفاة أو حالة نفسية أو مشكلة كبيرة يشعر المرء بأنه يحمل على ظهره جبلا ثقيلا أو طوقا محكما يكتم أنفاسه، ولأننا نتعامل مع الآخرين بإنسانية وأخوية لا بد من رب العمل والمسؤول في المؤسسة تحمل ضائقة موظفيه، فما يمر به هذا الشخص حالة جادة يمكن ان نكون مكانه لا قدر الله وذلك من منطلق «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، ومن باب تفعيل روح الإنسانية في التعامل مع الآخرين في العمل، وهذا ما يميز المسلم تقديره للآخرين وخاصة في الحالات الصعبة والحرجة، وهنا تكمن حقيقة الإدارة الناجحة في المؤسسة في احتضان المشكلة التي تعتري الموظف كأحد مقومات نجاح المسؤول من خلال تفهمه مشكلته وعدم القسوة عليه وجعل بيئة العمل هي الملاذ الذي يمكن لهذا الموظف أن يخفف عنه عبء مشكلته وحزنه من خلال فريق يشد أزره ويسانده.

إنجازات المسؤول ليست فقط في أن يقود المؤسسة للنجاح وإنما يقود موظفي المؤسسة للنجاح معا ولن يتحقق الإبداع ما لم ينبع من الداخل للعمل بشغف في بيئة تهتم بالعنصر البشري وتنميته وتحيطه بمناخ تصقله للنجاح من غير مشاحنات أو مكائد أو تربص لأقل الأخطاء، المسؤول الحقيقي هو من يراعي ظروف موظفيه وأن يكون الأب الحاني أو الأم الحنون في مواجهة الحزن والقهر والقلق الذي قد يمر بأحد موظفيه وأن يجعل مبدأ المساواة في الاهتمام والعناية بجميع الموظفين، فاليد التي تنتشل المحتار والمهموم هو القائد الذي يبقى ذكره مخلدا في الأرض والسماء.

كلمة من القلب

يمضي معظم وقت الموظف وهو في المؤسسة التي يعمل بها، ويمكث ويحتك مع زملائه في العمل وزبائن المؤسسة ربما أكثر مما يمكث مع أهل بيته، ويمضي نصف عمره بحلوه ومره وهو يعمل ويكد ويتعب ويتحمل أحيانا ظلم بعض المسؤولين وعدم التقدير من أجل لقمة العيش والحياة الكريمة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ».