الرأي

هل سمعتم بمثل هذه القصص؟!

مقال فيصل الشيخ إصدار الثلاثاء



حينما يتفاجأ عمال النظافة بوجود مولود حديث ملفوف بقماش ومرمي في حاوية للقمامة! أو حينما يخرج مصلون من المسجد فيجدون رضيعاً موضوعاً عند عتبات الدخول! أو أطفالاً صغاراً يُتركون أمام ملاجئ الأيتام!

البعض قد يقول نعم بأنه شاهدها كثيراً في الأفلام، لكن في حقيقتها هي لم تصل إلى الأفلام إلا لكونها واقعاً يحصل في كل مكان في العالم.

هناك أطفال مجهولو الهوية، مجهولو الوالدين، يأتي بهم للدنيا أشخاص غير مسؤولين ولا يمتلكون ضمائر ولا حتى مشاعر، فيرمونهم ويتخلصون منهم، دون إدراك بأنهم يرمون «روحاً» هي «مقدّسة» عند الله سبحانه، وإلا لما نفخ في أجسادها الروح، ولما كتب لها الحياة.

هذه المشاهد تقطّع القلب وتدميه، ولكم أن تتخيلوا مقدار المعاناة التي يعيشها هؤلاء الصغار حينما يبدأ الوعي يتشكل لديهم، ويدركون بأنهم مختلفون عن أقرانهم، بأنهم لا يمتلكون والدين، ولم يعيشوا حياة طبيعية كالغير، ولربما عاشوا في ملاجئ للأيتام أو دور للرعاية.

حالنا كحال العالم بأسره، ستجد بالتأكيد حالات لترك أطفال حديثي الولادة عند عتبات البيوت أو المساجد أو دور الأيتام وحتى في حاويات القمامة. إما يكونون في الغالب أبناء خطيئة، هم لا يتحملون جريرة مرتكبيها، أو بنسبة أقل نتيجة عجز عن الإعالة والإعاشة بسبب الفقر أو عسر الحال. وفي كلا التصنيفين نحتاج لإحصائيات دقيقة تبين لنا التصوّر الفعلي للظاهرة وحجم انتشارها.

مبعث الحديث مبادرة تابعت تفاصيل تأسيسها وما نشر عنها في الجريدة الرسمية فيما يختص بأهدافها وما يرتبط بمساعيها الإنسانية التي تستحق الوقوف عندها والإشادة بها.

أربعة أشخاص، سيدتان وسيدان، تقدموا بطلب قبل عدة أيام لتأسيس مؤسسة بمسمى «رعاية الطفولة»، وتمت الموافقة عليه وتسجيلها بحسب قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة.

الجميلة هي أهداف هذه الجمعية «غير الربحية» والتي جاءت عبر دوافع إنسانية تجاه هذه الفئة «مجهولي الوالدين» التي ظلمها من جاء بها للعالم. أولها التعرف على أفضل المعايير والإجراءات الدولية في شأن رعاية الأطفال مجهولي الوالدين. وثانياً محاولة الوصول إلى أفضل أوجه الرعاية الاجتماعية والتعليمية والنفسية والصحية والمعيشية لهؤلاء الأطفال، وذلك لحين احتضانهم أو تحسّن ظروفهم الأسرية.

أيضاً من مساعي عمل هذه الجمعية، التنسيق والتعاون مع الجهات المسؤولة بهدف العمل على تنشئة هؤلاء الأطفال وإعدادهم ليكونوا مواطنين صالحين وذلك عبر إدماجهم في المجتمع ليشاركوا في بنائه، وإقامة الفعاليات والأنشطة الخاصة بهم، وكذلك تشجيع المجتمع على احتضانهم وتقبلهم، بالإضافة إلى تطوير التشريعات والقوانين المعنية بهم.

في زمنٍ كلٌّ منشغل في نفسه ومكتسباته، يتوجب بالفعل التوقف هنا ورفع القبعة احتراماً لكل من يضحي بوقته وجهده لأجل قضايا إنسانية مثل هذه. قضايا لو تركت لعانت مجتمعاتنا ولعانى الناس وتحديداً هؤلاء الأطفال. ولا يكفي القول هنا بأن الحكومة تتحمل المسؤولية فقط وعليها واجب التعامل مع هذه الظواهر، إذ في النهاية نحن نتحدث عن مجتمع نعيش فيه ونتأثر به، ومثل هذه الحالات قد تمر عليك بشكل مباشر وقد تكون قريبة منك، ومن لا يتأثر أو يكترث، فهذا من النوع الذي عليه مراجعة إنسانيته وبشريته.

فشكراً لمن أسسوا هذه الجمعية على إنسانيتهم وحبهم لحماية هذه الفئة التي تحتاج لدعم ومساندة.

وشكراً لك إنسان يبذل جهداً لخدمة أي إنسان آخر. وبأمثالكم يظل الخير مستمراً على أرض الخير بإذن الله.