الرأي

الكوارث الطبيعية صحوة لمبدأ الإنسانية

صفائح تكتونية تؤثر على القشرة الأرضية التي تسبح فيها، تعلو طبقة الوشاح الأرضية، لتتحرك بمسافة ضئيلة جداً كل عام من 1 إلى 20 سم، وقد تكون أكثر اقتراباً أو ابتعاداً من بعضها أو احتكاكاً في ما بينها، لتكون الزلازل الكونية والبراكين التي تُحرّك الأرض، وتنشأ الجبال والجزر التي تفصلها البحار والمحيطات والتي عجز العلم عن تفسير عملها بشكل كامل وغيرها من التكوينات الخفية للأرض، والتي خلفت بحدوثها قصصاً إنسانية مؤثرة تقشعر لها الأبدان، وقصصاً علمية مثيرة لا يعلم بها إلا الله.

إنها الدروس والمواعظ المُستخلصة من كوارث الطبيعة، الأعاصير المدمرة، والفيضانات المُهلكة، والأمراض الفتّاكة، والزلازل والبراكين المروّعة، شهدنا منها زلازل تركيا وسوريا الذي قُتل فيه أكثر من 40 ألف شخص، مشاهدٌ حقيقية على أرض الواقع مؤلمة طالعتنا بها القنوات الإعلامية، وكأنها مشاهد من أفلام سينمائية أو في حلم من أحلام اليقظة الخيالية أو رؤية في منام سوداوية، لنسأل أنفسنا.. هل هذه حقيقة؟!

نعم إنها الحقيقة التي لا يعلم زمانها ومكانها إلا الله، إنها الرسالة الإلهية التي تأتي للصحوة، لنقف وقفة تأمل، وصمت، وهدوء لكل مشقات الحياة، ومتطالبتها، وصراعاتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وغيرها، لنراجع أنفسنا، ظلمنا، تذمرنا، طغياننا، حقدنا، حسدنا، وما يعم الأرض من فساد وفُساد ونعمة لا يُشكر عليها رب العباد، أحاطت بنا من كل الجهات، نعمة المال والبنون، والصحة، والاستقرار، والأمن، والأمان، وغيرها الكثير من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى على هذه الأرض وخيراتها.

موازين الطبيعة وقدرة الله فيها أصدفت ورائها جهود العلماء للتفسير والتحليل بنظرياتهم البحثية المتعمقة لدراسة تحركاتها والكشف عن اسرارها العظيمة، في محاولة لإعطاء حقيقة مسلّمة أو بحتة، ولكن تبقى قوة الله ومعجزاته وقدرته الكونية وأسرار خلقة العظيمة خفايا لتكون هي توقعات العلماء ضمن استنتاجات العلم «وما يعلم جنودَ ربّك إلّا هو».

«سبحان الله»، «ولا إله إلا الله»، «وأشهد ألا إله إلا الله»، «والله أكبر» ترددت على ألسن أبطال المشاهد المؤلمة للقصص الكثيرة التي خلّفتها الكوارث الطبيعية منها: طفل يُولد من تحت الركام، وأبٌ يموت وفي حضنه طفله الحيّ، وبنتٌ تحيا على ماء المطر بعد أيام من الركام، وغيرها الكثير.. حكمة الله في استعادة الإنسانية التي تُرجمت في المساعدات الدولية بمبادئ إنسانية رُصدت في القوانين الدولية لحقوق الإنسان، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان للتخفيف من وطأة الكوارث.

مبادئ مهمّة لا تعوق الجهود الرامية لتقديم المساعدات الفاعلة في الوقت المناسب، إنسانية عظيمة بعيدة عن الصراعات الدولية، والاختلافات، والنزاعات السياسية، والأيديولوجية، والدينية، والثقافية بين الدول، ضمانات تحكم العلاقة بين مختلف الجهات الفاعلة لتكفل التعامل مع احتياجات الأشخاص المتضررين ومنها: مبدأ الإنسانية اللبنة الأساسية التي تضع الشخص المتضرر في صلب عملية الإغاثة، ومبدأ الحياد الذي يفرض على الجهات المقدمة للمساعدة أن تبذل كل ما في وسعها لتضمن خلو الأنشطة التي تقوم بها من أي غرض آخر سوى الاستجابة للكارثة، ومبدأ النزاهة مبدأ راسخ لواجب الامتناع على إقامة تمييز ذاتي بحسب الأشخاص المتضررين، ومبدأ الكرامة الإنسانية مصدر حقوق الإنسان، ومبدأ الواجب على المجتمع الدولي لتقديم المساعدة الإنسانية المشروعة إلى الأشخاص المتضررين بالكارثة.

مبادئ تعمل ضمن محورين لسريان الحقوق والالتزامات وهما: حقوق والتزامات الدول كل منها تجاه الأخرى، وحقوق والتزامات الدول تجاه الأشخاص المحتاجين إلى الحماية ساعدت على انصهار الخلافات في ظل الأزمات والكوارث.

إضاءة

إن حكمة الله من الكوارث الطبيعية انصهار الخلافات، وصحوة الإنسانية، وعالم جديد من الله يحكمه لتكون الدراسات الحديثة لقدرته العظيمة، والكشف عن الجديد من خفاياه الكونية.