الرأي

سموه حين يكون على رأس العمل

بالرغم من الانشغال بالأهداف الكبرى إلا أن إغفال التفاصيل قد يُطيل علينا الطريق ولا يُستبعد أحياناً أن يُبعدنا عن طريقها.

المبادرات الخمس التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، والخاصة بالأطباء، هي من تفاصيل هدف أكبر هو جعل البحريني الخيار الأمثل، وتَدَخُّل سموه وإشرافه المباشر على تفاصيل هذه المبادرات وإخراجُها بصورتها النهائية هو ما نقصده وما نحتاجه فعلاً من سموه حفظه الله.

من الواضح أنه حين يضع سموه يده في أيّ مهمّة تخرج في أفضل صورة، تماماً كما فعل حين اجتاحت الجائحة البلاد، فتواجد سموه على رأس الفريق البحريني بنفسه وأشرف على كل صغيرة وكبيرة، وهذا ليس انتقاصاً للفريق أبداً، بل هو إشارة إلى الروح التي يبثها تواجد سموه معهم، إنها روح تحفيزية تُطلِق العنان للأفكار الإبداعية.

للنظر للتفاصيل التي نشير إليها..

المبادرة الأولى: «دعم توظيف الأطباء الجُدد في القطاع الخاص لمدة 3 سنوات على ألا تقل أجورهم عن 800 دينار كحد أدنى».

التفاصيل تكمن بعدم الاكتفاء بالعنوان الفرعي الأول وهو «دعم توظيف الأطباء الجُدد»، بل بوضع عنوان تفصيلي أعمق وهو «على ألا تقل أجورهم عن 800 دينار»، أي لم يترك الأمر دون رقم يحدد الحد الأدنى، وهو على فكرة أكبر مما تمنحه المستشفيات والعيادات الخاصة للأطباء البحرينيين للأسف، ومع ذلك قبل به الخريجون البحرينيون للحاجة.

المبادرة الثانية: «دعم زيادة أجور الأطباء العاملين في المستشفيات الخاصة والذين يقل أجرهم عن 800 دينار لمدة سنة» تفصيلة أخرى، أي عنوان فرعي آخر، لم يُغفل من توظف قبل إطلاق هذه المبادرة بدفع الفارق بين راتبه الحالي الذي يبلغ أقل من 800 كي يُقاس هذا الرقم كحد أدنى للمطلوب.

المبادرة الثالثة: «تقديم حوافز إضافية للمستشفيات الخاصة التي تبلغ نسبة الأطباء وأطباء الأسنان البحرينيين العاملين لديها 25% فأكثر»، تلك واحدة من أهم العقبات التي كانت تحول بين اختيار الأطباء البحرينيين، وهي كيف أدعو تلك المؤسسات لاختيار البحريني حين يكون هو الخيار الأمثل ككفاءة ولكن كلفة توظيفه أغلى من الأجنبي؟

الحوافز التي قُدِّمت للمؤسسات الخاصة عنوانٌ فرعيٌ جيدٌ رغم أنه لم يذكر نوعية هذه الحوافز، ولكنه يحتاج إلى ضبط وحزم أكثر، كرهن منح الترخيص بنسبة بحرنة للكادر الطبي مع الحرص على اشتراط الكفاءة بالطبع، فلا يُوظَّف البحريني لمجرد كونه بحرينياً، كما أننا لا نريد أن يُوظَّف الأجنبي لمجرّد أنه أرخص!!

إذ لابد من تقييد توظيف الأجنبي برفع كلفة جلبه وتشغيله كي يتساوى مع البحريني من حيث كلفة التشغيل، كي لا تكون كلفة توظيفه الرخيصة عاملاً يُرجِّح كفّته على البحريني كخيار حين تتساوى الكفاءات.

المبادرة الرابعة: «طرح برنامج «تأهيل» لتدريب أطباء القطاع الخاص في القطاع الحكومي مع استمرار العمل في القطاع الخاص»، وهذا عنوان تفصيلي بعيد الرؤية أيضاً دخل في عمق المهمّة حين وجد أن من يُوظَّف في الخاص من الأطباء الجُدد تنقطع عنه فرص الارتقاء بسبب انقطاع خطط التدريب والتطوير التي لا تكون ضمن اهتمامات المستشفيات والعيادات الخاصّة مع الأسف، حتى إنها ليست شرطاً من شروط التراخيص، فجاءت هذه المبادرة لمن يريد من البحرينيين أن يُخطط للمستقبل ويُضاعف من جهده، ففتحت له المستشفيات الحكومية أبوابها، أي أنها فتحت له طاقةً استشرافيةً للمستقبل تحفّزه على بذل مزيد من الجهد لأن هناك جميلاً ينتظره.

المبادرة الخامسة والأخيرة: هي دعم تعليمه بثلاثين ألف دينار ليُخفّف هذا المبلغ من كلفة الدراسة الإجمالية لمن لم يجد فرصةً لبعثة أو منحة حكومية.

هكذا غاصت المبادرات الخمس في تفاصيل صغيرة للعنوان الأساسي «البحريني الخيار الأمثل»، وكم من قطاعات وتخصصات أخرى تحتاجها مثل هذه التفاصيل الصغيرة، إذ سبق أن دُعِمَ قطاع الهندسة بمبادرات توظيف قبل عدة أعوام لكنه دَعْمٌ لم يدخل لمثل هذه التفاصيل الهامة ويعمل على سدّ الثغرات التي أعاقت اكتمال تلك المهمّة.

لذلك نحن بحاجة لتواجد سموه الكريم دوماً عند إطلاق أي مبادرة لتحفيز الفريق على الغوص أكثر في التفاصيل، وذلك من أجل مجاراة طريقة تفكيره الحادة.

نختم بتوجيه الشكر للفريق الذي فكَّر ونفَّذ وعمل على إخراج تلك المبادرات بما تحمله من أفكار خلّاقة.