الرأي

تقارير البرلمان الأوروبي.. 'كنا فين وبقينا فين'

شتان شتان بين موقف مملكة البحرين من تقارير الاتحاد الأوروبي عام 2011 وموقفها الآن.

دعكَ من الموقف الشعبي وموقف المؤسسات المدنية حينذاك، واللّذين كانا رافضين ومستهينين بتلك التقارير، بل كانا يحثان الدولة على عدم الإصغاء لها وعدم الاكتراث بها، وقِفْ عند الموقف الرسمي حينذاك والذي كان يعير بعض الاهتمام لتلك التقارير، بل كثيراً ما تمت الاستجابة لبعض مطالب تلك التقارير والإفراج عن بعض المحكومين رغم عدم الاقتناع بحقهم في العفو، إلا أن مملكة البحرين أرادت أن تبدي حسن النوايا للاثنين؛ للمعفوِّ عنهم ولأصحاب تلك التقارير سواء أكانت تقارير الخارجية الأمريكية أو تقارير البرلمان الأوروبي أو تقارير المنظمات الحقوقية، وأحياناً كنا نقف مستنفرين على رِجل ويدنا على قلوبنا حين تصدر مثل تلك التقارير نظراً لتأثر مملكة البحرين بها ولبحثها عن السلامة والتخلص من الملفات التي تصدع رأسها، وكانت تلك الجهات تعرف أن ضغطها يؤتي بالثمار، فكانت تتمادى في مطلبها وتستهين بالحقائق وبالأدلة التي تردّ بها البحرين لإثبات سلامة موقفها القانوني والحقوقي.

بعد مرور عشرة أعوام اكتسبت مملكة البحرين الثقة بنفسها أكثر وبسلامة موقفها وبعدالة قضيتها، وعملت على سد أبواب الثغرات التي اقتنعت بها في الملف الحقوقي، وبعدها سدت باب الإصغاء تماماً لتلك التقارير، واكتفت برد رسمي مقتضب، وتركت الباقي للردود الشعبية من السلطة التشريعية ومن المؤسسات المدنية ومن مقالات الرأي في الصحافة، فهي التي تتكفل بالرد على تلك التقارير سواء أكانت من البرلمان الأوروبي أو الخارجية الأمريكية أو أي جهة أخرى.

أما الموقف الرسمي فكان الحد الأدنى من الاهتمام وهذا هو المطلوب فعلاً، فهو موقف يدل على الثقة والقوة والثبات، موقف يدل على استيعاب الدروس وتجاوزها، وموقف يدل على تراكم التجارب المثري الذي اكتسبته مملكة البحرين ونتمنى الحفاظ عليه والثبات عليه دوماً، فهو القدر الذي يناسب موقع تلك التقارير، موقع متدنٍّ ضعيف لا أهمية له.

أما كيف تعلمنا، فتلك حكاية أخرى، تعلمنا من انكشاف حقيقة تلك الجهات، من تناقضها، من كيلها بألف مكيال، من فسادها، من أجندتها التي تكشفت والتي تقف وراء تلك التقارير، من سقوط الهيبة عنها، من تعريها وتضاؤل مصداقيتها إلى درجة الانعدام، من رؤية المصالح المتقلبة التي تجعل من الملف الحقوقي يختفي فجأة ويظهر فجأة.

تعلمنا حين وضعنا أمننا القومي الوطني وسلامتنا فوق أي اعتبار، وحين وجدت الدولة أن شعبها يقف معها صفاً واحداً ضد من يستهين بأمنه وسلامته.

تعلمنا حين اكتشفنا أن معاييرنا للحقوق الإنسانية تفوق بكثير معاييرهم وتعنى بالإنسان إن كان كبيراً في السن أو مريضاً أو غريباً عن داره، في حين تداس حقوق تلك الفئات، تعلمنا من تمسكنا بقيمنا وأعرافنا وفطرتنا حفظ سلامة أسرنا ومجتمعاتنا في حين رأينا ما يحدث عندهم وانعكاس معاييرهم ومفاهيمهم على سلامة المجتمعات وصحتها النفسية والجسدية.

فشتان بين موقف الدولة من صدور تقرير كالذي صدر مؤخراً من البرلمان الأوروبي، وموقفها قبل عشر سنوات.

تحية لمملكة البحرين وموقفها الرسمي، ونتمنى له الثبات، ومزيداً من الثقة بالنفس.